قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الصُّلْحُ صَحِيحٌ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَصِحُّ وَلَوْ قَالَتْ أُعْطِيَكَ مِائَةً عَلَى أَنْ تَقُولَ لَمْ أَتَزَوَّجْكَ فَهَذَا بَاطِلٌ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ

ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَصَالَحَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تَبْرَأَ مِنْ الدَّعْوَى لَا يَصِحُّ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمَا أَعْطَاهَا مِنْ الْبَدَلِ وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ عَلَى دَعْوَاهَا وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَتْ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ أَوْ خُلْعًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمَهْرِ فَقَالَ الزَّوْجُ مَهْرُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ مَهْرِي أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاصْطَلَحَا عَلَى ثَلَثِمِائَةٍ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ لَمْ أَفْرِضْ لَك الْمَهْرَ وَإِنَّمَا لَك الْمُتْعَةُ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهَا الْمُتْعَةَ عَلَى إنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ دَعْوَاهَا فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ أَقَامَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ مَهْرَهَا كَانَ أَلْفًا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَطَالَبَهَا بِرَدِّ النِّصْفِ وَاخْتَلَفَا فِي النِّصْفِ فَقَالَ الزَّوْجُ النِّصْفُ ثَلَثُمِائَةٍ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ مِائَتَيْنِ فَاصْطَلَحَا عَلَى مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا طَلَاقًا بَائِنًا فَصَالَحَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا بَائِنًا فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ عَلَى أَنْ تُقِرَّ لِي بِهَذَا الطَّلَاقِ الَّذِي ادَّعَيْت وَهُوَ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَشَهِدُوا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِالْجُعْلِ الَّذِي أَعْطَتْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

(مردى زَنِّ بِكْر يرادعوى كَرِدِّ صلح كردند) عَنْ أَنْ يَخْتَلِعَ مِنْ الدَّعْوَى بِمَالٍ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

فِي الْمُنْتَقَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَأَنَّ لَهَا عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَهْرٍ وَأَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ ابْنُهُ مِنْهَا وَجَحَدَ الرَّجُلُ ذَلِكَ كُلَّهُ ثُمَّ صَالَحَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ إلَيْهَا عَلَى إنْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الدَّعَاوَى لَمْ يَبْرَأْ بِهَا الزَّوْجُ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ لَهَا عَلَى جَمِيعِ مَا ادَّعَتْ فَإِنَّ النِّكَاحَ ثَابِتٌ وَالنَّسَبَ ثَابِتٌ وَالصُّلْحَ عَنْ الْمَهْرِ جَائِزٌ وَالْمِائَةَ دِرْهَمٍ سَالِمَةٌ لَهَا وَهِيَ صُلْحٌ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي ادَّعَتْهَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَلَوْ ادَّعَتْ نِكَاحًا بِغَيْرِ وَلَدٍ وَلَمْ تَدَّعِ مَهْرًا فَصَالَحَهَا عَلَى مِائَةٍ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ وَلَوْ صَالَحَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى إنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ دَعْوَى النِّكَاحِ وَعَلَى إنْ بَارَأَهَا الزَّوْجُ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَتْ هِيَ مُدَّعِيَةٌ قَبْلَهُ مَهْرًا وَلَا نَفَقَةً لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ وَيَرْجِعُ فِي الْمِائَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا وَلَا سَبِيلَ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ بَارَأَهَا وَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ خُلْعٍ وَلَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ نَفَقَةً وَنِكَاحًا فَصَالَحَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُبَارِئَهَا فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَالْمِائَةُ الدِّرْهَمُ بِالنَّفَقَةِ وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ لَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الصُّلْحُ مِنْ النَّفَقَةِ إنْ كَانَ عَلَى شَيْءٍ يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَقْدِيرُ النَّفَقَةِ بِهِ كَالنَّقْدِ وَالطَّعَامِ يُعْتَبَرُ تَقْدِيرًا لِلنَّفَقَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ مُعَارَضَةً وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى شَيْءٍ لَا يَجُوزُ تَقْدِيرُ النَّفَقَةِ بِهِ كَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ يُعْتَبَرُ مُعَارَضَةً، وَتَصِيرُ مُبَرِّئَةً زَوْجَهَا عَنْ النَّفَقَةِ بِمَا أَخَذَتْ مِنْ الْبَدَلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

إذَا صَالَحَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا عَلَى إنْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهُ سَنَتَيْنِ حَتَّى تَفْطِمَهُ وَعَلَى إنْ زَادَهَا هُوَ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ فَقَبَضَتْ الْمَرْأَةُ الثَّوْبَ فَاسْتَهْلَكَتْهُ وَأَرْضَعَتْ الصَّبِيَّ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ الصَّبِيُّ وَقِيمَةُ الثَّوْبِ وَالْمَهْرِ سَوَاءٌ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَبِرُبْعِ قِيمَةِ الرَّضَاعِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ زَادَتْهُ مَعَ ذَلِكَ شَاةً قِيمَتُهَا مِثْلُ قِيمَةِ الرَّضَاعِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِرُبْعِ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَرُبْعِ قِيمَةِ الرَّضَاعِ وَسَلَّمَتْ لَهُ الشَّاةَ وَلَوْ اسْتَحَقَّتْ الشَّاةَ مَعَ ذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَرُبْعِ قِيمَةِ الرَّضَاعِ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشَّاةِ وَإِنْ اسْتَحَقَّ الثَّوْبَ وَلَمْ تَسْتَحِقَّ الشَّاةَ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَرْجِعُ عَلَى الرَّجُلِ بِنِصْفِ الشَّاةِ وَبِأَجْرِ مِثْلِهَا فِي نِصْفِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015