وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِينَارٍ فِي مَوْطِنٍ ثُمَّ أَقَرَّ فِي الْمَوْطِنِ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ذَكَر فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِينَارٍ فِي قَوْلٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَشْهَدَ رَجُلٌ شَاهِدَيْنِ عَلَى نَفْسِهِ لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى شَهْرٍ وَأَشْهَدَ آخَرَيْنِ عَلَى نَفْسِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى شَهْرَيْنِ فَهُمَا مَالَانِ لِاخْتِلَافِ الْأَجَلَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَقَرَّ وَقَالَ قَتَلْت عَبْدًا لِفُلَانٍ وَسَمَّى أَوْ لَمْ يُسَمِّ أَوْ قَالَ ابْنَ فُلَانٍ أَوْ أَخَاهُ وَسَمَّاهُ أَوْ لَمْ يُسَمِّهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ الطَّالِبُ قَتَلْت لِي عَبْدَيْنِ أَوْ ابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ فَهَذَا إقْرَارٌ بِقَتْلِ عَبْدٍ وَاحِدٍ وَابْنٍ وَاحِدٍ وَأَخٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ سَمَّى اسْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَحِينَئِذٍ لَزِمَهُ اثْنَانِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَسَائِلُ أَيْضًا عَلَى الِاخْتِلَافِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَلَى الِاتِّفَاقِ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ.
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مَنْ يَصِحُّ لَهُ الْإِقْرَارُ وَمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْإِقْرَارُ) مَنْ أَقَرَّ بِحَمْلٍ أَوْ لِحَمْلٍ وَبَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا صَحَّ الْإِقْرَارُ وَإِلَّا لَا إذَا أَقَرَّ بِحَمْلِ أَمَةٍ أَوْ حَمْلِ شَاةٍ لِرَجُلٍ صَحَّ إقْرَارُهُ وَلَزِمَهُ وَإِذَا أَقَرَّ لِحَمْلِ فُلَانَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ (أَحَدُهُمَا) أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا صَالِحًا بِأَنْ قَالَ أَوْصَى لَهُ فُلَانٌ أَوْ مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ فَاسْتَهْلَكْته فَهَذَا الْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَلَزِمَهُ الْمَالُ ثُمَّ إنْ جَاءَتْ بِهِ حَيًّا فِي مُدَّةٍ بِعِلْمٍ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ لَزِمَهُ بِأَنْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ مَاتَ الْمُورَثُ وَالْمُوصِي وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُعْتَدَّةً فَحِينَئِذٍ إذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ حَتَّى حُكِمَ بِثُبُوتِ النَّسَبِ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا بِوُجُودٍ فِي الْبَطْنِ حِينَ مَاتَ الْمُورَثُ وَالْمُوصِي فَإِنْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا فَالْمَالُ مَرْدُودٌ عَلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَالْمُورَثِ وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ حَيَّيْنِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فَفِي الْوَصِيَّةِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَفِي الْمِيرَاثِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (وَثَانِيهَا) أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا مُسْتَحِيلًا بِأَنْ يَقُولَ أَقْرَضَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ بَاعَ مِنِّي شَيْئًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَهَذَا الْإِقْرَارُ بَاطِلٌ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (وَثَالِثُهَا) أَنْ يُبْهِمَ الْإِقْرَارَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَصِحُّ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ لِصَبِيٍّ صَغِيرٍ لَقِيطٍ أَوْ غَيْرِ لَقِيطٍ بِدَيْنٍ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَهُوَ لَازِمٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَقْرَضَنِيهِ الصَّبِيُّ وَالصَّبِيُّ بِحَيْثُ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يُقْرِضُ فَالْمَالُ لَازِمٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ أَوْدَعَنِي هَذَا الصَّبِيُّ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ أَعَارَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْمَجْنُونُ فَإِقْرَارُهُ بِأَصْلِ الْمَالِ صَحِيحٌ وَالسَّبَبُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَهَلْ يَكُونُ الْعَبْدُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُقِرِّ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا فِي الْكِتَاب. قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَبْدُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لِلْبَائِعِ لَا يَضْمَنُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لِلْبَائِعِ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَكَذَا إذَا أَقَرَّ لِصَبِيٍّ هَكَذَا قَالُوا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَفَلَ لِهَذَا الصَّبِيِّ عَنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالصَّبِيُّ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَعْقِلُ فَالْكَفَالَةُ بَاطِلَةٌ إلَّا أَنْ يَقْبَل عَنْهُ وَلِيُّهُ الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ التِّجَارَةِ عَلَى الصَّبِيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَإِنْ خَاطَبَهُ مَنْ وَلِيَ التَّصَرُّفَ فِي النَّفْسِ لَا فِي الْمَالِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ مُنْعَقِدَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِنْ أَدْرَكَ الصَّبِيُّ وَرَضِيَ بِهَا جَازَتْ فَإِنْ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَنْهَا صَحَّ رُجُوعُهُ هَكَذَا