الْمُدَّعِي أَخَوَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ نِصْفَ الدَّارِ إنْ قَبَضَ الْأَوَّلُ مَا ادَّعَى قَضَى بِالدَّارِ بَيْنَ أَخَوَيْهِ نِصْفَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْأَوَّلُ مَا ادَّعَى قَضَى بَيْنَهُمْ بِالدَّارِ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّ لِأَبِيهِ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَرْضًا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَادَّعَى الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ أَنَّ لِأَبِيهِ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثَمَنَ جَارِيَةٍ بَاعَهَا مِنْهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَتَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ عَلَيْهِ إلَّا الْأَلْفُ يَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ وَإِذَا اسْتَوْفَى أَحَدُهُمَا خَمْسَمِائَةِ لَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
الْمَحْبُوسُ بِالدَّيْنِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَأَقَامَ رَبُّ الدَّيْنِ بَيِّنَةً أَنَّهُ مُوسِرٌ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ بَيِّنَةَ رَبِّ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا مِقْدَارَ مِلْكِهِ حَتَّى يُخَلِّدَهُ فِي السِّجْنِ بِبَيِّنَةِ رَبِّ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(كِتَابُ الْإِقْرَارِ)
هَذَا الْكِتَابُ يَشْمَلُ عَلَى أَبْوَابٍ
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَعْنَاهُ شَرْعًا وَرُكْنِهِ وَشَرْطِ جَوَازِهِ وَحُكْمِهِ)
الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ لِلْغَيْرِ عَلَى نَفْسِهِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَأَمَّا رُكْنُهُ فَقَوْلُهُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا أَوْ مَا يُشْبِهُهُ لِأَنَّهُ يَقُومُ بِهِ ظُهُورُ الْحَقِّ وَانْكِشَافُهُ حَتَّى لَا يَصِحَّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ بِأَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ أَوْ بِعَيْنٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَالْخِيَارُ بَاطِلٌ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَالْمَالُ لَازِمٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
وَأَمَّا شَرْطُهُ فَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَهِيَ شَرْطٌ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ دُونَ الْبَعْضِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ بِالْمَالِ لَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَلَوْ أَقَرَّ بِالْقِصَاصِ يَصِحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَتَأَخَّرُ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَكَذَا الْمَأْذُونُ يَتَأَخَّرُ إقْرَارُهُ بِمَا لَيْسَ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ كَإِقْرَارِهِ بِالْمَهْرِ بِوَطْءِ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْمَالِ لَا يَلْزَمُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا الرِّضَا وَالطَّوْعُ شَرْطٌ حَتَّى لَا يَصِحَّ إقْرَارُ الْمُكْرَهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَإِقْرَارُ السَّكْرَانِ بِطَرِيقٍ مَحْظُورٍ صَحِيحٌ إلَّا فِي حَدِّ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ مِمَّا يَقْبَلُ الرُّجُوعَ، وَإِنْ كَانَ بِطَرِيقٍ مُبَاحٍ لَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَشَرْطُ جَوَازِهِ عَلَى الْخُصُوصِ كَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ مِمَّا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ إذَا تَسَلَّمَ عَيْنَهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ أَوْ تَسَلَّمَ مِثْلَهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ بِهِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا أَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا بِشَيْءٍ أَوْ اغْتَصَبَ مِنْهُ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ أَوْ حَبَّةً مِنْ حِنْطَةٍ كَانَ بَاطِلًا حَتَّى لَا يُجْبَرَ عَلَى الْبَيَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَحُكْمُهُ ظُهُورُ الْمُقَرِّ بِهِ لَا ثُبُوتُهُ ابْتِدَاءً كَذَا فِي الْكَافِي وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ الْإِقْرَارَ بِالْخَمْرِ لِلْمُسْلِمِ يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لَا يَصِحُّ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالْإِنْشَاءُ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِمَالِ وَالْمُقَرُّ لَهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ دِيَانَةً إلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ بِطِيبٍ مِنْ نَفْسِهِ فَيَكُونَ هِبَةً مِنْهُ ابْتِدَاءً كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْإِقْرَارُ