فَيَحْتَاجُ إلَى الْمَسْأَلَةِ لِقُوَّتِهِ أَوْ مَا يُوَارِي بَدَنَهُ وَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ لَهُ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمَنْ يَمْلِكُ قُوتَ يَوْمِهِ بَعْدَ سُتْرَةِ بَدَنِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(وَمِنْهَا الْعَامِلُ) وَهُوَ مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ لِاسْتِيفَاءِ الصَّدَقَاتِ وَالْعُشُورِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيُعْطِيهِ مَا يَكْفِيهِ، وَأَعْوَانَهُ بِالْوَسَطِ مُدَّةَ ذَهَابِهِمْ، وَأَيَّابِهِمْ مَا دَامَ الْمَالُ بَاقِيًا إلَّا إذَا اسْتَغْرَقَتْ كِفَايَتَهُ الزَّكَاةُ فَلَا يُزَادُ عَلَى النِّصْفِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ حَمَلَ رَجُلٌ زَكَاةَ مَالِهِ بِنَفْسِهِ إلَى الْإِمَامِ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ، وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَحِلُّ لِلْعَامِلِ الْهَاشِمِيِّ تَنْزِيهًا لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شُبْهَةِ الْوَسَخِ وَتَحِلُّ لِلْغَنِيِّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِنْ عَمِلَ الْهَاشِمِيُّ عَلَيْهَا وَرُزِقَ مِنْ غَيْرِهَا لَا بَأْسَ بِهِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَلَوْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْعَامِلِ أَوْ ضَاعَ سَقَطَ حَقُّهُ، وَأَجْزَأَهُ عَنْ الزَّكَاةِ عَنْ الْمُؤَدِّينَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الْمُصَدِّقُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُعَجِّلَ حَقَّ عِمَالَتِهِ قَبْلَ الْوُجُوبِ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَأْخُذَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

(وَمِنْهَا الرِّقَابُ) هُمْ الْمُكَاتَبُونَ وَيَعَاوَنُونَ فِي فَكِّ رِقَابِهِمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى مُكَاتَبٍ غَنِيٍّ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَجُوزُ لِمُكَاتَبٍ هَاشِمِيٍّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ لِلْمَوْلَى مِنْ وَجْهٍ وَالشُّبْهَةُ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

(وَمِنْهَا الْغَارِمُ) ، وَهُوَ مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ، وَلَا يَمْلِكُ نِصَابًا فَاضِلًا عَنْ دَيْنِهِ أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ عَلَى النَّاسِ لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالدَّفْعُ إلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَوْلَى مِنْ الدَّفْعِ إلَى الْفَقِيرِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

(وَمِنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ، وَهُمْ مُنْقَطِعُو الْغُزَاةِ الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُنْقَطِعُو الْحَاجِّ الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

(وَمِنْهَا ابْنُ السَّبِيلِ) ، وَهُوَ الْغَرِيبُ الْمُنْقَطِعُ عَنْ مَالِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. جَازَ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ قَدْرَ حَاجَتِهِ، وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ وَأُلْحِقَ بِهِ كُلُّ مَنْ هُوَ غَائِبٌ عَنْ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ ثُمَّ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا فَضَلَ فِي يَدِهِ عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَالِهِ كَالْفَقِيرِ إذَا اسْتَغْنَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالِاسْتِقْرَاضُ لِابْنِ السَّبِيلِ خَيْرٌ مِنْ قَبُولِ الصَّدَقَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

فَهَذِهِ جِهَاتُ الزَّكَاةِ وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ، وَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالدَّفْعُ إلَى الْوَاحِدِ أَفْضَلُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَدْفُوعُ نِصَابًا كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى رَجُلٍ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا، وَإِنْ دَفَعَهُ جَازَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْفَقِيرُ مَدْيُونًا فَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا فَدَفَعَ إلَيْهِ مِقْدَارَ مَا لَوْ قَضَى بِهِ دَيْنَهُ لَا يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ أَوْ يَبْقَى دُونَ الْمِائَتَيْنِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مُعِيلًا جَازَ أَنْ يُعْطَى لَهُ مِقْدَارُ مَا لَوْ وُزِّعَ عَلَى عِيَالِهِ يُصِيبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دُونَ الْمِائَتَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَنُدِبَ الْإِغْنَاءُ عَنْ السُّؤَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَأَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ بِالِاتِّفَاقِ وَيَجُوزُ صَرْفُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ إلَيْهِمْ بِالِاتِّفَاقِ، وَاخْتَلَفُوا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالنُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ إلَّا أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ أَحَبُّ إلَيْنَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ فَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ إلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ وَيَجُوزُ صَرْفُ التَّطَوُّعِ إلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْنِيَ بِالزَّكَاةِ الْمَسْجِدَ، وَكَذَا الْقَنَاطِرُ وَالسِّقَايَاتُ، وَإِصْلَاحُ الطَّرَقَاتِ، وَكَرْيُ الْأَنْهَارِ وَالْحَجُّ وَالْجِهَادُ وَكُلُّ مَا لَا تَمْلِيكَ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَفَّنَ بِهَا مَيِّتٌ، وَلَا يُقْضَى بِهَا دَيْنُ الْمَيِّتِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَا يُشْتَرَى بِهَا عَبْدٌ يُعْتَقُ، وَلَا يَدْفَعُ إلَى أَصْلِهِ، وَإِنْ عَلَا، وَفَرْعِهِ، وَإِنْ سَفَلَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يُعْطَى لِلْوَلَدِ الْمَنْفِيِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015