بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ تُرَدُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَقْضَ قِسْمَةِ الْقَاضِي وَقِسْمَتُهُ قَضَاؤُهُ، وَكَذَا إنْ أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهٍ، أَوْ بِهَذَا الْعَبْدِ لِفُلَانٍ وَقَضَى بِهِ، ثُمَّ إنَّهُ شَهِدَ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ، أَوْ بِذَلِكَ الْعَبْدِ، أَوْ بِعَبْدٍ آخَرَ لَا تُقْبَلُ، وَكَذَا إنْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِدَيْنِ رَجُلٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَقُضِيَ بِهِ، ثُمَّ شَهِدَ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ بِالدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ لِرَجُلٍ آخَرَ، وَلَمْ تَفِ التَّرِكَةُ بِهِمَا لَا تُقْبَلُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْقَضَاءُ لِلْأَوَّلِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالدَّيْنِ لِلثَّانِي، وَلِهَذَا يَتَحَاصَّانِ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ لِلثَّانِي قَبْلَ الْقَضَاءِ لِلْأَوَّلِ تُقْبَلُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إلَّا إذَا أَقَرَّ الْوَارِث بِالثُّلُثِ، أَوْ بِالْعَبْدِ أَوْ بِالدَّيْنِ لِلْأَوَّلِ وَسَلَّمَ إلَى الْأَوَّلِ مَا أَقَرَّ بِهِ، ثُمَّ شَهِدَ بِهِ لِلثَّانِي لَا تُقْبَلُ، وَكَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلثَّانِي إذَا وُجِدَ التَّسْلِيمُ إلَى الْأَوَّلِ مِنْ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ شَهِدَ الْوَارِثُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ بِالثُّلُثِ وَصِيَّةً لِرَجُلٍ، ثُمَّ شَهِدَ بِالثُّلُثِ وَصِيَّةً لِرَجُلٍ آخَرَ قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا سَوَاءٌ شَهِدَ لِلثَّانِي قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي لِلْأَوَّلِ، أَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ.

رَجُلَانِ شَهِدَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِهَذَا الرَّجُلِ، ثُمَّ شَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ رَجَعَ عَنْ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ لِوَارِثِهِ فُلَانٍ، وَأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ وَجَمِيعَ الْوَرَثَةِ أَجَازُوا ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَشَهَادَةُ الْوَارِثَيْنِ جَائِزَةٌ وَالثُّلُثُ لِذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ، وَعَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَهَادَةُ الْوَارِثَيْنِ عَلَى الرُّجُوعِ بَاطِلَةٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَأَخًا وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ ابْنُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَشَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُهُ لَا يَعْلَمُونَهُ تَرَكَ وَارِثًا غَيْرَهُ وَقُضِيَ لَهُ بِالْمَالِ فَأَقَرَّ الِابْنُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى لِلشَّاهِدَيْنِ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ أَقَرَّ لَهُمَا بِدَيْنٍ قَالَ: لَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُمَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُمَا بِذَلِكَ بَعْدَمَا شَهِدَا قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي.

رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى لِفُقَرَاءِ جِيرَانِهِ بِشَيْءٍ وَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ وَصِيَّتَهُ فَشَهِدَ عَلَى الْوَصِيَّةِ رَجُلَانِ مِنْ جِيرَانِهِ لَهُمَا أَوْلَادٌ يَحْتَاجُونَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا أَصْلًا كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُمَا وَفُلَانَةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَإِذَا وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ جِيرَانِهِ فَشَهِدَ بِذَلِكَ فَقِيرَانِ مِنْ جِيرَانِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

قَالَ فَخْرُ الدِّينِ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ لَهُ أَوْلَادٌ يَجْتَاحُونَ فِي جِوَارِ الْمُوصِي إذَا كَانَ الْجِيرَانُ مِمَّنْ يُحْصَوْنَ وَمَا ذُكِرَ فِي الْوَقْفِ فَتَأْوِيلُهُ إذَا كَانَ فُقَرَاءُ الْجِيرَانِ لَا يُحْصَوْنَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِفُقَرَاءِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُمَا فَقِيرَانِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْ وَلَدٌ لَهُمَا فَقِيرٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ لَهُمَا، وَلَا لِغَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَا غَنِيَّيْنِ، وَلَا وَلَدَ لَهُمَا فَقِيرٌ جَازَتْ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى مَكْتَبٍ فِي قَرْيَةٍ، وَعَلَى مُعَلِّمِ ذَلِكَ الْمَكْتَبِ فَغَصَبَ رَجُلٌ هَذَا الْوَقْفَ فَشَهِدَ بَعْضُ أَهْلِ الْقَرْيَة أَنَّ هَذَا وَقْفُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى مَكْتَبِ كَذَا وَلَيْسَ لِهَؤُلَاءِ الشُّهُودِ أَوْلَادٌ فِي الْمَكْتَبِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ صِبْيَانٌ فِي الْمَكْتَبِ فَكَذَلِكَ هُوَ الْأَصَحُّ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لِلْمَسْجِدِ بِشَيْءٍ، وَكَذَا شَهَادَةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى وَقْفِيَّةِ وَقْفٍ عَلَى مَدْرَسَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015