قِيلَ: فِي الْمَوْتِ يُكْتَفَى بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ، أَوْ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

مَنْ شَهِدَ أَنَّهُ حَضَرَ دَفْنَ فُلَانٍ أَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَتِهِ فَهُوَ مُعَايَنَةٌ حَتَّى لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي قَبِلَهُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

لَوْ جَاءَ خَبَرُ مَوْتِ إنْسَانٍ فَصَنَعُوا مَا يُصْنَعُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَسَعْكَ أَنْ تُخْبِرَ بِمَوْتِهِ حَتَّى يُخْبِرَكَ ثِقَةٌ أَنَّهُ عَايَنَ مَوْتَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ مَشَايِخُنَا إذَا لَمْ يُعَايِنْ الْمَوْتَ إلَّا وَاحِدٌ، وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ، مَاذَا يَصْنَعُ؟ قَالُوا: يُخْبِرُ بِذَلِكَ عَدْلًا مِثْلَهُ، فَإِذَا سَمِعَ مِنْهُ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مَوْتِهِ فَشَهِدَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ حَتَّى يَقْضِيَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي صِفَةِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَالِاسْتِمَاعِ إلَى الشُّهُودِ]

يُحْتَاجُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْحَاضِرِ إلَى الْإِشَارَةِ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعِي وَالْمَشْهُودِ بِهِ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ نَقْلِيًّا، وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَيِّتِ، أَوْ الْغَائِبِ، وَقَدْ حَضَرَ الْوَصِيُّ، أَوْ الْوَكِيلُ يُحْتَاجُ إلَى تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ اسْمَ الْمَيِّتِ وَاسْمَ الْغَائِبِ وَاسْمَ أَبِيهِمَا وَاسْمَ جَدِّهِمَا، شَرَطَ الْخَصَّافُ ذِكْرَ الْجَدِّ لِلتَّعْرِيفِ وَهَكَذَا فِي الشُّرُوطِ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَذِكْرُ الْأَبِ يَكْفِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ النِّسْبَةَ إلَى الْجَدِّ لَا بُدَّ مِنْهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فَإِذَا قَضَى قَاضٍ بِدُونِ ذِكْرِ الْجَدِّ يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالِاسْمِ الْمُجَرَّدِ مَشْهُورًا كَأَبِي حَنِيفَةَ يَكْفِي، وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

وَالصِّنَاعَةُ لَا تَقُومُ مَقَامَ ذِكْرِ الْجَدِّ عَلَى قَوْلِ مَنْ شَرَطَ ذِكْرَ الْجَدِّ إلَّا إذَا كَانَتْ صِنَاعَةً يُعْرَفُ بِهَا لَا مَحَالَةَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِنْ ذُكِرَ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ وَقَبِيلَتُهُ وَحِرْفَتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي مَحَلَّتِهِ رَجُلٌ بِهَذَا الِاسْمِ وَهَذِهِ الْحِرْفَةِ يَكْفِي، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ آخَرَ لَا يَكْفِي حَتَّى يَذْكُرَ شَيْئًا آخَرَ يَحْصُلُ بِهِ التَّمْيِيزُ كَذَا ذُكِرَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إنَّمَا هُوَ حُصُولُ الْمَعْرِفَةِ وَارْتِفَاعُ الِاشْتِرَاكِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ بِشِرَاءِ مَحْدُودٍ، أَوْ بَيْعِهِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا بُدَّ، وَأَنْ يَذْكُرُوا فِي الشَّهَادَةِ أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ يَقُولُوا أَقَرَّ بِشِرَائِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بَيْعِهِ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ دَوَابَّ لَهُ عَدَدًا مَعْلُومًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ الشُّهُودُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ أَخَافُ أَنْ تَبْطُلَ الشَّهَادَةُ، وَلَا يُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِشَيْءٍ مِنْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ بَيَّنُوا الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ اللَّوْنِ، وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ مَعَ ذِكْرِ الْأُنُوثَةِ وَالذُّكُورَةِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النَّوْعِ بِأَنْ يَقُولَ فَرَسٌ، أَوْ حِمَارٌ وَنَحْوُهُ، وَلَا يَكْفِي بِذِكْرِ اسْمِ الدَّابَّةِ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ أَبَى ذِكْرَ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَالْأَوَّلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015