أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الطَّالِبِ بِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَلَا يَنْتَصِبُ الطَّالِبُ خَصْمًا لَهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ حَاضِرًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطَّالِبِ عَلَى أَنَّ الْأَلْفَ الَّذِي يُدَّعَى عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ حَيْثُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ، ثُمَّ جَحَدَ الْمَالَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْمَالِ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَالْكَفَالَةِ فَلَمْ يَأْخُذْ الطَّالِبُ شَيْئًا حَتَّى غَابَ، ثُمَّ قَدِمَ الْآخَرُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ بِخَمْسِمِائَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِنَفْسِهِ وَلِغَائِبٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ، أَوْ ثَوْبٍ بَاعَاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَقْضِي بِنَصِيبِ الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ كُلِّفَ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُقْضَى بِنَصِيبِ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا قَالَ صَاحِبُ شَرْحِ الْأَقْضِيَةِ وَذُكِرَ بَعْدَ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي الظَّاهِرِ، وَعَلَى مَا عَلَيْهِ عَامَّةُ الرِّوَايَاتِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: وَإِنْ كَانَ الْأَلْفُ مِيرَاثًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبِ لَا يُكَلَّفُ الْغَائِبُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ إذَا حَضَرَ بِلَا خِلَافٍ.

ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ الْحَاضِرَ فِيمَا ادَّعَى كَانَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ يُشَارِكُ الْمُدَّعِي فِيمَا قَبَضَ، ثُمَّ يَتْبَعَانِ الْمَطْلُوبَ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَطْلُوبَ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْغَائِبُ حَتَّى رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْطُلُ حَقُّ الْغَائِبِ، وَلَا يُقْضَى لَهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ يُشَارِكُ الْغَائِبُ إذَا حَضَرَ الْحَاضِرَ فِيمَا قَبَضَ، ثُمَّ إذَا شَارَكَهُ فَالْحَاضِرُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِشَيْءٍ. وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَفُلَانًا الْغَائِبَ اشْتَرَيْنَا هَذِهِ الدَّارَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدْنَا لَهُ الثَّمَنَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِلْحَاضِرِ بِنِصْفِ الدَّارِ، فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ كُلِّفَ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى بِالدَّارِ كُلِّهَا لِلْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَيُدْفَعُ إلَى الْحَاضِرِ نِصْفُ الدَّارِ وَيُوضَعُ النِّصْفُ الثَّانِي عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ ثِقَةٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَا أَقْسِمُهَا حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ، قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ وَجَحَدَ الشِّرَاءَ بَطَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ وَجَازَ نَصِيبُ الْحَاضِرِ وَقَالَ: هَذَا بِلَا خِلَافٍ.

وَذَكَرَ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُنْتَقَى عَلَى الْخِلَافِ وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَبْسُوطِ وَقَالَ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ، وَلَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا خِلَافًا وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْخِلَافِ عَلَى حَسَبِ مَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى وَذَكَرْنَا أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُنْزَعُ نَصِيبُ الْغَائِبِ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: هَذَا إذَا وَصَلَ الثَّمَنُ إلَى الْبَائِعِ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015