الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ صَحَّ ضَمَانُ الْأَجِيرِ عَنْهُ وَلَا يَكُونُ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ أَدَاءِ الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ السَّفْتَجَةِ دَفَعَ الْمَالَ إلَى الْكَاتِبِ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْأَجِيرِ عَنْهُ وَكَانَ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ أَدَاءِ الْبَاقِي وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ الْأَجِيرُ ضَمِنَ الْمَالَ لِصَاحِبِ السَّفْتَجَةِ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ كَانَ. لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِ الْمَالِ إلَى صَاحِبِ السَّفْتَجَةِ فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَ وَبَذْلُ الْخَطِّ بِالْبَاقِي لَا يَكُونُ ضَمَانًا مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِاللِّسَانِ، أَوْ يَكْتُبَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِنْ الْمَالِ كَيْتُ وَكَيْتُ وَيُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
فِي دَعْوَى الْفُضْلَى أَوْرَدَ سَفْتَجَةً مِنْ آخَرَ إلَى بَعْضِ التُّجَّارِ فَوَفَّى عَلَيْهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ بَعْضَهُ وَبَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّتُهُ إنْ كَانَ لِلَّذِي كَتَبَ مَالٌ قَبِلَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى صَاحِبِ الْكِتَابِ وَأَقَرَّ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِالْكِتَابِ، وَأَنَّ الْمَالَ دَيْنٌ عَلَيْهِ أُجْبِرَ عَلَى دَفْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ لَا يُجْبَرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلَّذِي كَتَبَ قِبَلَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مَالٌ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَمِنَ الْمَالَ لِصَاحِبِ الْكِتَابِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(كِتَابُ الْحَوَالَةِ) وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِهَا وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِهَا وَأَحْكَامِهَا)
أَمَّا التَّعْرِيفُ فَهُوَ نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَأَمَّا رُكْنُهَا فَهُوَ الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ وَالْإِيجَابُ مِنْ الْمُحِيلِ، وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، وَالْمُحْتَالِ لَهُ جَمِيعًا فَالْإِيجَابُ أَنْ يَقُولَ الْمُحِيلُ لِلطَّالِبِ أَحَلْتُك عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا، وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، وَالْمُحْتَالِ لَهُ أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبِلْتُ وَرَضِيتُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ، وَالرِّضَا وَهَذَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُحِيلِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُحْتَالِ لَهُ وَبَعْضُهَا إلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَبَعْضُهَا إلَى الْمُحْتَالِ بِهِ أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ (فَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا) فَلَا تَصِحُّ حَوَالَةُ الْمَجْنُونِ، وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ (وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا) ، وَهُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ دُونَ الِانْعِقَادِ فَتَنْعَقِدُ حَوَالَةُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ مَوْقُوفًا فَإِنْفَاذُهَا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ، وَأَمَّا حُرِّيَّةُ الْمُحِيلِ فَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ حَتَّى تَصِحَّ حَوَالَةُ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ إذَا أَدَّى وَلَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ عَلَيْهِ دَيْنُ مِثْلِهِ وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَكَذَا الصِّحَّةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ فَتَصِحُّ مِنْ الْمَرِيضِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
فَأَمَّا رِضَا مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَأَمْرُهُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ حَتَّى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ إنَّ لَك عَلَى فُلَانٍ كَذَا مِنْ الدَّيْنِ فَاحْتَالَ بِهِ عَلَيَّ وَرَضِيَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الدَّيْنِ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ فَإِنْ أَدَّى الْمَالَ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَيَبْرَأُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.