رَجُلٍ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ فَلَقِيَ الطَّالِبُ الرَّجُلَ فَخَاصَمَهُ الطَّالِبُ وَلَازَمَهُ فَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ، وَإِنْ لَازَمَهُ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْكَفِيلِ الْمُوَافَاةُ بِهِ وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِلطَّالِبِ قَدْ دَفَعْت نَفْسِي إلَيْك مِنْ كَفَالَةِ فُلَانٍ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ بِأَمْرِهِ، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
إذَا شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مَا لَك عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ وَلَمْ يُسَمِّ مِقْدَارَ الْمَالِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ أَيْضًا فَإِذَا لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا إنْ تَوَافَقُوا عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الْمَالِ، أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ لَزِمَ الْكَفِيلَ ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا عَلَى الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ مِنْ الْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ.
إذَا شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ فَعَلَيَّ الْمِائَةُ الَّتِي عَلَيْهِ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا يُنْظَرُ إنْ أَقَرَّ الْكَفِيلُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَدْ كَفَلَ عَنْهُ بِذَلِكَ يَصِيرُ كَفِيلًا وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَإِنْ قَالَ الْكَفِيلُ لَمْ يَكُنْ لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَكَانَ هَذَا مِنِّي إقْرَارٌ لِلطَّالِبِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الطَّالِبُ: كَانَ لِي عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَقَدْ كَفَلْت لِي عَنْهُ بِذَلِكَ مُعَلِّقًا بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْكَفِيلَ شَيْءٌ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْكَفِيلِ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْمَالُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخِرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ مَتَى دَعَاهُ بِهِ فَعَلَيَّ الْأَلْفُ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ دَعَاهُ بِهِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ مَكَانَهُ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعْنَى قَوْلِهِ دَفَعَهُ إلَيْهِ مَكَانَهُ سَلَّمَهُ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي دَعَاهُ بِهِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَمَا دَعَاهُ بِهِ اشْتَغَلَ بِإِحْضَارِهِ وَبِمَا هُوَ أَسْبَابُ تَسْلِيمِهِ حَتَّى دَفَعَ إلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ إنْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَالَك فَهُوَ عَلَيَّ فَتَقَاضَاهُ الطَّالِبُ فَلَمْ يُعْطِهِ الْمَطْلُوبَ سَاعَةَ تَقَاضَاهُ لَزِمَ الْكَفِيلَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ سِوَى الْمِائَةِ الَّتِي لَك عَلَيْهِ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنَّمَا تَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِهِمَا وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهَا عَلَى قَوْلِهِمَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَصِيرُ كَفِيلًا عَنْ غَرِيمٍ آخَرَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ أَصْلًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِيرُ كَفِيلًا عَنْ غَرِيمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَالْمِائَةُ الدَّرَاهِمُ الَّتِي لَك عَلَى فُلَانٍ آخَرَ عَلَيَّ فَالْكَفَالَةُ ثَابِتَةٌ جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ شَرِيكَ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ فِي الدَّيْنِ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ وَجَبَ عَلَيْهِمَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ فَالْكَفَالَةُ ثَابِتَةٌ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَوْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا لَزِمَهُ الْمَالُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَالْمَالُ الَّذِي لَك عَلَيْهِ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٌ حَاضِرٌ وَقَبِلَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا قَالَ إذَا لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ الْمِائَةُ الدِّرْهَمِ الَّتِي لَك عَلَيْهِ