لَهُ هَذَا الْخِيَارُ مِنْ جِهَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ لَيْسَ لَهُ هَذَا الْخِيَارُ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الطَّالِبِ بِأَنْ قَالَ لِلطَّالِبِ اُكْفُلْ لَك بِهَذَا الْمَالِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَنِي الْمَطْلُوبُ بِهَذَا الْمَالِ عَبْدَهُ هَذَا رَهْنًا فَكَفَلَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَأَبَى الْمَطْلُوبُ أَنْ يُعْطِيَهُ الرَّهْنَ فَإِنَّ الْكَفِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ فِي الْكَفَالَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَهَا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ جَانِبِ الطَّالِبِ وَلِلطَّالِبِ هَذَا الْخِيَارُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُبْرِئَهُ فَيَفْسَخَ الْكَفَالَةَ وَلَهُ أَنْ لَا يُبْرِئَهُ فَتَبْقَى الْكَفَالَةُ فَجَازَ أَنْ يَثْبُتَ لِلْكَفِيلِ فِي الْخِيَارِ هَذَا الْخِيَارُ مِنْ جِهَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِلطَّالِبِ أَكْفُلُ لَك بِهَذَا الْمَالِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَنِي الْمَطْلُوبُ عَبْدَهُ هَذَا رَهْنًا فَإِنْ لَمْ يُعْطِنِي فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ وَكَفَلَ بِهَذَا الشَّرْطِ فَأَبَى الْمَطْلُوبُ أَنْ يُعْطِيَهُ الرَّهْنَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ.

إذَا قَالَ لِلْمَطْلُوبِ أَكْفُلُ عَنْك بِهَذَا الْمَالِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَفِيلًا لَا يَتَخَيَّرُ الْكَفِيلُ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ فِي الْكَفَالَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَهَا وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الطَّالِبِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِنِي كَفِيلًا بِالْمَالِ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ فَلَمْ يُعْطِهِ كَفِيلًا فَهُوَ بَرِيءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا إيَّاهُ مِنْ وَدِيعَةِ الْمَطْلُوبِ عِنْدَهُ فَالضَّمَانُ جَائِزٌ وَيُجْبَرُ الْمُودَعُ عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ الْوَدِيعَةِ فَهَذَا اسْتِحْسَانٌ فَإِنْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْكَفِيلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ طَلَبَ مِنْ الْمُودَعِ أَنْ يَضْمَنَ الْوَدِيعَةَ حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَى فُلَانٍ قَضَاءً بِدَيْنِهِ هَذَا فَفَعَلَ كَانَ جَائِزًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى سَوَاءٌ.

وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ أَنَّ هَذَا الضَّامِنَ رَدَّ دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ عَلَى صَاحِبِهَا، أَوْ أَخَذَهَا صَاحِبُهَا مِنْهُ فَالْمَالُ عَلَى الضَّامِنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا إيَّاهُ مِنْ ثَمَنِ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَلَمْ يَبِعْهَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْكَفِيلِ ضَمَانٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

قَالَ لَوْ ضَمِنَهَا عَلَى أَنْ يَقْضِيَهَا مِنْ ثَمَنِ هَذِهِ الدَّارِ فَبَاعَ الدَّارَ بِعَبْدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَالُ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى بَيْعِ الْعَبْدِ فِي الضَّمَانِ فَإِنْ بَاعَ الْعَبْدَ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَرَاهِمَ جُعِلَتْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَهُ مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ اُسْتُحْسِنَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ ضَمِنَ عَنْ رَجُلٍ مَالًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ لِلْكَفِيلِ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ بَطَلَ الضَّمَانُ عَنْ الْكَفِيلِ، وَإِنْ بَاعَ الْعَبْدَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَهِيَ قِيمَتُهُ، وَالدَّيْنُ أَلْفٌ لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا بِقَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ضَمِنَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ وَلَيْسَ الْعَبْدُ لَهُ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ وَلَوْ ضَمِنَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ ثَمَنِ عَبْدِهِ وَلَا عَبْدَ لَهُ فَالضَّمَانُ لَازِمٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

رَجُلٌ ضَمِنَ لِرَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَهَا هَهُنَا وَنِصْفَهَا بِالرَّيِّ وَلَمْ يُوَقِّتْ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ حَيْثُ شَاءَ، وَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ شَيْئًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ يَأْخُذُهُ حَيْثُمَا شَرَطَ، وَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ ضَمِنْت لَك أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ لَا يُؤَدِّيَهَا إلَيْك فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ لَا يُؤَدِّيَهَا إلَيْك فِي حَيَاتِي فَهُوَ جَائِزٌ يُؤْخَذُ الْمَالُ مِنْ مِيرَاثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لِمَا قُضِيَ عَلَيْهِ قَاضِي الْكُوفَةِ وَقَضَى عَلَيْهِ قَاضٍ غَيْرُ قَاضِيهَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ قَالَ مَا وَجَبَ لَك عَلَى فُلَانٍ بِحُكْمِ فُلَانٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015