الباب الثالث في أحكام تصرفات المتصارفين بعد العقد وفيه أربعة فصول

الفصل الأول في التصريف في بدل الصرف قبل القبض

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ تَصَرُّفَاتِ الْمُتَصَارِفَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي التَّصْرِيفِ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ قَبْلَ الْقَبْضِ]

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي التَّصْرِيفِ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَفِيمَا يَكُونُ قِصَاصًا بِبَدَلِهِ وَمَا لَا يَكُونُ اشْتَرَى بِبَدَلِ الصَّرْفِ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْره أَوْ اسْتَبْدَلَ بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَجُوز وَبَقِيَ الصَّرْفُ عَلَى حَالِهِ يَقْبِضُهُ وَيُتِمُّ الْعَقْدَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ وَتَقَابَضَا إلَّا دِرْهَمًا وَاحِدًا بَقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ وَلَيْسَ عِنْدَ بَائِعِهَا الدِّرْهَمُ الْعَاشِرُ فَارَاد الَّذِي اشْتَرَى الدَّرَاهِمَ أَنْ يَأْخُذَ عُشْرَ الدِّينَارِ فَلَهُ ذَلِكَ وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ الَّذِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْتَقِيمُ بَعْدَمَا تَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَبْلَ نَقْدِ الدِّرْهَمِ الْعَاشِرِ.

فَأَمَّا قَبْلَ التَّفَرُّقِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ عُشْرَ دِينَارِهِ مِنْ مُشْتَرِيه فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِهِ مُشْتَرِي الدِّينَارِ. فَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ بِعْنِي بِعُشْرِ الدِّينَارِ فُلُوسًا مُسَمَّاةً أَوْ عَرْضًا مُسَمًّى فَبَاعَهُ بِهِ كَانَ جَائِزًا سَوَاءٌ بَاعَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَمْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بَائِعُ الدِّينَارِ بِعْنِي بِالدِّرْهَمِ شَيْئًا فَبَاعَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَمْ بَعْدَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَالدَّرَاهِمُ بِيضٌ فَأَعْطَاهُ مَكَانَهَا سُودًا وَرَضِيَ بِهَا الْبَائِعُ جَازَ ذَلِكَ وَمُرَادُهُ مِنْ السُّودِ الْمَضْرُوبِ مِنْ النُّقْرَةِ السَّوْدَاءِ لَا الدَّرَاهِمِ الْبُخَارِيَّةِ حَتَّى لَوْ بَاعَ دِينَارًا بِدَرَاهِمَ بِيضٍ وَقَبَضَ مَكَانَ الدَّرَاهِمِ الْبِيضِ الْبُخَارِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَأَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ ضَرْبًا آخَرَ مِنْ الدَّنَانِيرِ سِوَى مَا عَيَّنَهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَاهُ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ كَانَ مُسْتَوْفِيًا لَا مُسْتَبْدِلًا قِيلَ هَذَا إذَا أَعْطَاهُ ضَرْبًا دُونَ الْمُسَمَّى فَإِنْ أَعْطَاهُ ضَرْبًا هُوَ فَوْقُ الْمُسَمَّى فَلَا حَاجَةَ إلَى رِضَا مُشْتَرِي الدِّينَارَ بِهِ لِأَنَّهُ أَوْفَاهُ حَقَّهُ وَزِيَادَةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أَخَذَ الدَّرَاهِمَ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ مِمَّا يُخَالِفُهُ فِي الْوَصْفِ وَذَلِكَ الْمَقْبُوضُ يَجْرِي مَجْرَى الدَّرَاهِمِ الْوَاجِبَةِ بِالْعَقْدِ فِي مُعَامَلَاتِ النَّاسِ جَازَ وَكَانَ اقْتِضَاءً لَا اسْتِبْدَالًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي كِتَابِ الصَّرْفِ إذَا اشْتَرَى أَلْفَ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَالدَّرَاهِمُ بِيضٌ فَأَرَادَ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ أَنْ يَتَبَرَّعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالْجَوْدَةِ وَأَبَى بَائِعُهُ بِتَبَرُّعِهِ فَلَهُ ذَلِكَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْمِقْدَارِ وَرَدَّ مَنْ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْضًا وَهُوَ نَظِيرُ مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَتَاهُ بِأَلْفٍ جِيَادٍ وَأَبَى صَاحِبُ الدَّيْنِ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَتَى بِجِنْسِ حَقِّهِ وَزِيَادَةٍ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ تَبَرُّعَهُ وَمِنَّتَهُ فَكَذَا هَهُنَا قَالَ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ ضَرْبًا مِنْ الدَّنَانِيرِ وَقَالَ لِلْبَائِعِ أَعْطِنِي دِينَارًا غَيْرَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَا طَلَبَ دُونَ حَقِّهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْآخَرُ وَفِي الْمُنْتَقَى وَلِلَّذِي عَلَيْهِ السُّودُ أَنْ يُؤَدِّيَ بِيضًا هِيَ مِثْلُ السُّودُ أَوْ أَجْوَدُ مِنْهَا وَيُجْبَرُ مَنْ لَهُ عَلَى الْقَبُولِ وَكَذَا مَنْ عَلَيْهِ الْبِيضُ إذَا أَدَّى سُودًا مِثْلَهَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015