إلَيْهِ سَلَمُهُ غَيْرَ مَعِيبٍ، وَإِنْ أَبَى قَبُولَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَطَلَ حَقُّ رَبِّ السَّلَمِ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ وَلَا الرُّجُوعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ هَذَا إذَا كَانَتْ زِيَادَةُ الْعَيْبِ عِنْدَ رَبِّ السَّلَمِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ رَبِّ السَّلَمِ. فَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَأَخَذَ رَبُّ السَّلَمِ قِيمَةَ النُّقْصَانِ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبُولُهُ بِزِيَادَةِ الْعَيْبِ لِأَجَلِ الْأَرْشِ وَبَطَلَ حَقُّهُ فِي الْعَيْبِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
قَالَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ سَأَلْت أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي ثَوْبٍ فَأَخَذَهُ وَقَطَعَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ دِرْهَمَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي الْحِنْطَةِ وَالْآخَرُ فِي الْأَرُزِّ وَدَفَعَهُمَا إلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا سَتُّوقَةً قَالَ إنْ كَانَ دَفَعَهُمَا إلَيْهِ مَعًا فَسَدَ فِي نِصْفِ الْحِنْطَةِ وَنِصْفِ الْأَرُزِّ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ كُلَّ دِرْهَمٍ عَلَى حِدَةٍ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الَّذِي أَسْلَمَ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا وَفَسَدَ السَّلَمُ كُلُّهُ
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فِي خَمْسَةِ أَقْفِزَةِ حِنْطَةٍ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي خَمْسَةِ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ خَمْسَةٌ لِلْحِنْطَةِ عَلَى حِدَةٍ وَخَمْسَةٌ لِلشَّعِيرِ عَلَى حِدَةٍ فَأَصَابَ دِرْهَمًا سَتُّوقَةً يَعْنِي بَعْدَمَا تَفَرَّقَا فَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ هُوَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ مِنْ الشَّعِيرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ، وَإِنْ تَصَادَقَا إنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّهِمَا قَالَ يُرَدُّ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ دِرْهَمًا آخَرَ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ وَيَنْقُصُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ.
وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ شَعِيرٍ فَأَعْطَاهُ عَشَرَةً لِلْحِنْطَةِ ثُمَّ أَعْطَاهُ خَمْسَةً لِلشَّعِيرِ ثُمَّ وَجَدَ دِرْهَمًا سَتُّوقَةً بَعْدَمَا تَفَرَّقَا فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ مِنْ دَرَاهِمِ الْحِنْطَةِ وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ هُوَ مِنْ دَرَاهِمِ الشَّعِيرِ قَالَ إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّهُمَا لَا يَدْرِيَانِ مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ قَالَ يَكُونُ نِصْفُهُ مِنْ الْعَشَرَةِ وَنِصْفُهُ مِنْ الْخَمْسَةِ فَيُنْقِصُ عُشْرَ الْحِنْطَةِ وَنِصْفَ عُشْرِ الشَّعِيرِ، وَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يُنْقِصُ ثُلُثَا عُشْرِ الْحِنْطَةِ وَثُلُثُ خُمْسِ الشَّعِيرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا لِيُسْلِمَ لَهُ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَأَسْلَمَهَا الْوَكِيلُ بِشُرُوطِ السَّلَمِ جَازَ كَذَا فِي شَرْحِ التَّكْمِلَةِ وَالْوَكِيلُ هُوَ الَّذِي يُطَالِبُ بِتَسْلِيمِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ وَهُوَ الَّذِي يُسَلِّمُ رَأْسَ الْمَالِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ نَقَدَ دَرَاهِمَ الْمُوَكِّلِ أَخَذَ الْمُسْلَمَ فِيهِ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ كَانَ نَقَدَ دَرَاهِمَ نَفْسِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الَّذِي وَكَّلَهُ شَيْئًا يَرْجِعُ بِمَا نَقَدَ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلِهَذَا الْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ السَّلَمَ فَإِذَا قَبَضَ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ عَنْ الْآمِرِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الدَّرَاهِمَ فَإِنْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ إنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَحْبِسَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ يُهْلِكُ أَمَانَةً، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَبْسِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَهْلِكُ هَلَاكَ الرَّهْنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ