وَالثَّانِي: أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ، وَهُوَ قَوْلٌ ثَانٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَمَالِكٍ.
وَالثَّالِثُ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَا كَفَّارَةَ. وَهَذَا قَوْلُ طَوَائِفَ مِنْ السَّلَفِ: كَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَإِسْحَاقَ، وَدَاوُد، وَأَصْحَابِهِ وَالْخَلَفِ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: مَنْ أَكَلَ مُعْتَقِدًا طُلُوعَ الْفَجْرِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَطْلُعْ. فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.
وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ، وَأَشْبَهَهَا بِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ، وَدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهُوَ قِيَاسُ أُصُولِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ رَفَعَ الْمُؤَاخَذَةَ عَنْ النَّاسِي، وَالْمُخْطِئِ. وَهَذَا مُخْطِئٌ، وَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ الْأَكْلَ وَالْوَطْءَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ، وَاسْتُحِبَّ تَأْخِيرُ السَّحُورِ، وَمَنْ فَعَلَ مَا نُدِبَ إلَيْهِ، وَأُبِيحَ لَهُ، لَمْ يُفَرِّطْ فَهَذَا أَوْلَى بِالْعُذْرِ مِنْ النَّاسِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
346 - 16 - وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، عَمَّا إذَا قَبَّلَ زَوْجَتَهُ، أَوْ ضَمَّهَا، فَأَمْذَى. هَلْ يُفْسِدُ ذَلِكَ صَوْمَهُ؟ أَمْ لَا؟ .
فَأَجَابَ: يَفْسُدُ الصَّوْمُ بِذَلِكَ، عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.
347 - 17 - وَسُئِلَ عَمَّنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ؟
فَأَجَابَ: إذَا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مُسْتَحِلًّا لِذَلِكَ، وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِهِ اسْتِحْلَالًا لَهُ، وَجَبَ قَتْلُهُ، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا عُوقِبَ عَنْ فِطْرِهِ فِي رَمَضَانَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ، وَأَخَذَ مِنْهُ حَدَّ الزِّنَا، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا عُرِّفَ بِذَلِكَ، وَأُخِذَ مِنْهُ حَدُّ الزِّنَا، وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
348 - 18 - وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، عَنْ الْمَضْمَضَةِ، وَالِاسْتِنْشَاقِ، وَالسِّوَاكِ، وَذَوْقِ الطَّعَامِ، وَالْقَيْءِ، وَخُرُوجِ الدَّمِ، وَالِادِّهَانِ، وَالِاكْتِحَالِ؟
فَأَجَابَ: أَمَّا الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ فَمَشْرُوعَانِ لِلصَّائِمِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَكَانَ