وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، عَنْ رَجُلٍ كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَصُومَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، وَيَزْبِدُ وَيَخْبِطُ، فَيَبْقَى أَيَّامًا لَا يُفِيقُ، حَتَّى يُتَّهَمَ أَنَّهُ جُنُونٌ. وَلَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ مِنْهُ؟
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. إنْ كَانَ الصَّوْمُ يُوجِبُ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْمَرَضِ، فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَيَقْضِي، فَإِنْ كَانَ هَذَا يُصِيبُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ صَامَ، كَانَ عَاجِزًا عَنْ الصِّيَامِ، فَيُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكَيْنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
341 - 11 - وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، عَنْ امْرَأَةٍ حَامِلٍ رَأَتْ شَيْئًا شَبَهَ الْحَيْضِ وَالدَّمِ مُوَاظِبَهَا، وَذَكَرَ الْقَوَابِلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُفْطِرُ لِأَجْلِ مَنْفَعَةِ الْجَنِينِ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَرْأَةِ أَلَمٌ: فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا الْفِطْرُ؟ أَمْ لَا؟ .
فَأَجَابَ: إنْ كَانَتْ الْحَامِلُ تَخَافُ عَلَى جَنِينِهَا، فَإِنَّهَا تُفْطِرُ، وَتَقْضِي عَنْ كُلِّ يَوْمٍ يَوْمًا، وَتُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، رِطْلًا مِنْ خُبْزٍ بِأَدَمِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
342 - 12 - وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، عَنْ رَجُلٍ بَاشَرَ زَوْجَتَهُ، وَهُوَ يَسْمَعُ الْمُتَسَحِّرَ يَتَكَلَّمُ، فَلَا يَدْرِي: أَهُوَ يَتَسَحَّرُ؟ أَمْ يُؤَذِّنُ؟ ثُمَّ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَتَسَحَّرُ، فَوَطِئَهَا، وَبَعْدَ يَسِيرٍ أَضَاءَ الصُّبْحُ، فَمَا الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.
فَأَجَابَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَالْكَفَّارَةُ. هَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ لَا غَيْرُ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمَا.
وَالثَّالِثُ: لَا قَضَاءَ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَهَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَفَا عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ، وَأَبَاحَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ. وَالْجِمَاعَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ. وَالشَّاكُّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ يَجُوزُ