قَالَ: فَإِذَا كَانَ الْأَنْفُسُ وَالْأَمْوَالُ فِي ثَمَنِ الْجَنَّةِ، فَالرُّؤْيَةُ بِمَ تُنَالُ؟ فَأَجَابَهُ مُجِيبٌ بِمَا يُشْبِهُ هَذَا السُّؤَالَ.

وَالْوَاجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ كُلَّ مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ لِلْأَوْلِيَاءِ مِنْ نَعِيمٍ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ هُوَ فِي الْجَنَّةِ، كَمَا أَنَّ كُلَّ مَا وَعَدَ بِهِ أَعْدَاءَهُ هُوَ فِي النَّارِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] . وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَقُولُ اللَّهُ: أَعْدَدْت لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، بَلْهَ مَا أَطْلَعَتْهُمْ عَلَيْهِ» . وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي الْجَنَّةِ، فَالنَّاسُ فِي الْجَنَّةِ عَلَى دَرَجَاتٍ مُتَفَاوِتَةٍ، كَمَا قَالَ: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا} [الإسراء: 21] . وَكُلُّ مَطْلُوبٍ لِلْعَبْدِ بِعِبَادَةٍ أَوْ دُعَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَطَالِبِ الْآخِرَةِ هُوَ فِي الْجَنَّةِ.

وَطَلَبُ الْجَنَّةِ، وَالِاسْتِعَاذَةُ مِنْ النَّارِ، طَرِيقُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَجَمِيعُ أَوْلِيَائِهِ السَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ، كَمَا فِي السُّنَنِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ كَيْفَ تَقُولُ فِي دُعَائِك، قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ النَّارِ، أَمَا إنِّي لَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَك وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ فَقَالَ: حَوْلَهُمَا نُدَنْدِنُ» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015