الطَّرِيقِ، أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ وَيُحَبُّ، وَلِهَذَا وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مَنْ تَصَوَّفَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ، كَأَبِي الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيِّ، وَأَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ، وَأَمْثَالِهِمَا، وَنَصَرَ ذَلِكَ أَبُو حَامِدٍ فِي الْإِحْيَاءِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ أَبُو الْقَاسِمِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرِّسَالَةِ عَلَى طَرِيقِ الصُّوفِيَّةِ، كَمَا فِي كِتَابِ أَبِي طَالِبٍ الْمُسَمَّى " بِقُوتِ الْقُلُوبِ ". وَأَبُو حَامِدٍ مَعَ كَوْنِهِ تَابَعَ فِي ذَلِكَ الصُّوفِيَّةُ، اسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ لِمَا وَجَدَهُ مِنْ كُتُبِ الْفَلَاسِفَةِ مِنْ إثْبَاتِ نَحْوِ ذَلِكَ حَيْثُ قَالُوا: يَعْشِقُ وَيُعْشَقُ.

وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْعَظِيمَةِ فِي الْقَوَاعِدِ الْكِبَارِ بِمَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165] . وَقَالَ: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 24] . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وَمَنْ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ» .

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَجَهِّمَةَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ حَقِيقَةَ الْمَحَبَّةِ، يَلْزَمُهُمْ أَنْ يُنْكِرُوا التَّلَذُّذَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ، وَلِهَذَا لَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ عِنْدَهُمْ إلَّا التَّنَعُّمُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَمَشَايِخِهَا، فَهَذَا أَحَدُ الْحِزْبَيْنِ الْغَالِطَيْنِ.

وَالْحِزْبُ الثَّانِي: طَوَائِفُ مِنْ الْمُتَصَوِّفَةِ، وَالْمُتَفَقِّرَةِ، وَالْمُتَبَتِّلَةِ وَافَقُوا هَؤُلَاءِ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015