وَأَمَّا التَّرْجِيعُ وَتَرْكُهُ، وَتَثْنِيَةُ التَّكْبِيرِ وَتَرْبِيعُهُ، وَتَثْنِيَةُ الْإِقَامَةِ وَإِفْرَادُهَا، فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَالسُّنَنِ، حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَذَانَ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَكَانَ الْأَذَانُ فِيهِ وَفِي وَلَدِهِ بِمَكَّةَ، ثَبَتَ أَنَّهُ عَلَّمَهُ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ، وَفِيهِ التَّرْجِيعُ. وَرُوِيَ فِي حَدِيثِهِ: «التَّكْبِيرُ مَرَّتَيْنِ» كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. وَرُوِيَ: " أَرْبَعًا " كَمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ. وَفِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ عَلَّمَهُ الْإِقَامَةَ شَفْعًا. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ، قَالَ: «تَذَاكَرُوا أَنْ يَعْلَمُوا وَقْتَ الصَّلَاةِ بِشَيْءٍ يَعْرِفُونَهُ فَذَكَرُوا أَنْ يُورُوا نَارًا، أَوْ يَضْرِبُوا نَاقُوسًا، فَأُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ. وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: «إلَّا الْإِقَامَةَ» . وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ لَمَّا أُرِيَ الْأَذَانَ، وَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُلْقِيَهُ عَلَى بِلَالٍ، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ. وَفِيهِ التَّكْبِيرُ أَرْبَعًا، بِلَا تَرْجِيعٍ» .
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالصَّوَابُ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ، وَهُوَ تَسْوِيغُ كُلِّ مَا ثَبَتَ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. لَا يَكْرَهُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، إذْ تَنَوُّعُ صِفَةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، كَتَنَوُّعِ صِفَةِ الْقِرَاءَاتِ وَالتَّشَهُّدَاتِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْرَهَ مَا سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُمَّتِهِ.
وَأَمَّا مَنْ بَلَغَ بِهِ الْحَالُ إلَى الِاخْتِلَافِ وَالتَّفَرُّقِ حَتَّى يُوَالِيَ وَيُعَادِيَ وَيُقَاتِلَ عَلَى مِثْلِ هَذَا وَنَحْوِهِ مِمَّا سَوَّغَهُ اللَّهُ تَعَالَى، كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ، فَهَؤُلَاءِ مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ، وَكَانُوا شِيَعًا. وَكَذَلِكَ مَا يَقُولُهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ. - وَلَا أُحِبُّ تَسْمِيَتَهُ - مِنْ