فَعَطَفَ الْمُنْكَرَ عَلَى الْفَحْشَاءِ، وَدَخَلَ فِي الْمُنْكَرِ هُنَا الْبَغْيُ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} [النحل: 90] فَقَرَنَ بِالْمُنْكَرِ الْفَحْشَاءَ وَالْبَغْيَ.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ لَفْظُ " الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ " إذَا أُفْرِدَ أَحَدُهُمَا دَخَلَ فِيهِ الْآخَرُ، وَإِذَا قَرَنَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ صَارَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ؛ لَكِنْ هُنَاكَ أَحَدُ الِاسْمَيْنِ أَعَمُّ مِنْ الْآخَرِ، وَهُنَا بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ، فَمَحَبَّةُ اللَّهِ وَحْدَهُ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَخَشْيَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ وَنَحْوُ هَذَا كُلُّ هَذَا يَدْخُلُ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ تَعَالَى فِي الْمَحَبَّةِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة: 24] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 52] فَجَعَلَ الطَّاعَةَ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ وَجَعَلَ الْخَشْيَةَ وَالتَّقْوَى لِلَّهِ وَحْدَهُ وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: 59] وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: 7] {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 8] فَجَعَلَ التَّحَسُّبَ وَالرَّغْبَةَ إلَى اللَّهِ وَحْدَهُ.
وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: (لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ) فِيهِ إفْرَادُ الْإِلَهِيَّةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ التَّصْدِيقَ لِلَّهِ قَوْلًا وَعَمَلًا، فَالْمُشْرِكُونَ كَانُوا يُقِرُّونَ بِأَنَّ اللَّهَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ؛ لَكِنْ كَانُوا يَجْعَلُونَ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى، فَلَا يَخُصُّونَهُ بِالْإِلَهِيَّةِ.
وَتَخْصِيصُهُ بِالْإِلَهِيَّةِ يُوجِبُ أَنْ لَا