شُفَعَاءَ لَهُمْ إلَيْهِ.
وَيَقُولُونَ: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] .
وَيُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ.
وَالْإِشْرَاكُ فِي الْحُبِّ وَالْعِبَادَةِ وَالدُّعَاءِ وَالسُّؤَالِ غَيْرُ الْإِشْرَاكِ فِي الِاعْتِقَادِ وَالْإِقْرَارِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165] فَمَنْ أَحَبَّ مَخْلُوقًا كَمَا يُحِبُّ الْخَالِقَ فَهُوَ مُشْرِكٌ بِهِ، قَدْ اتَّخَذَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ.
وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُ.
وَلِهَذَا فَرَّقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَيْنَ مَنْ أَحَبَّ مَخْلُوقًا لِلَّهِ، وَبَيْنَ مَنْ أَحَبَّ مَخْلُوقًا مَعَ اللَّهِ، فَالْأَوَّلُ يَكُونُ اللَّهُ هُوَ مَحْبُوبُهُ وَمَعْبُودُهُ الَّذِي هُوَ مُنْتَهَى حُبِّهِ وَعِبَادَتِهِ لَا يُحِبُّ مَعَهُ غَيْرَهُ؛ لَكِنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْبِيَاءَهُ وَعِبَادَهُ الصَّالِحِينَ أَحَبَّهُمْ لِأَجْلِهِ، وَكَذَلِكَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فِعْلَ الْمَأْمُورِ وَتَرْكَ الْمَحْظُورِ أَحَبَّ ذَلِكَ، فَكَانَ حُبُّهُ لِمَا يُحِبُّهُ تَابِعًا لِمَحَبَّةِ اللَّهِ وَفَرْعًا عَلَيْهِ وَدَاخِلًا فِيهِ.
بِخِلَافِ مَنْ أَحَبَّ مَعَ اللَّهِ فَجَعَلَهُ نِدًّا لِلَّهِ يَرْجُوهُ وَيَخَافُهُ، أَوْ يُطِيعُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ طَاعَتَهُ طَاعَةٌ لِلَّهِ، وَيَتَّخِذُهُ شَفِيعًا لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ يَأْذَنُ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ قَالَ تَعَالَى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18] وَقَالَ تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] .
وَقَدْ «قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ لِلنَّبِيِّ: مَا عَبَدُوهُمْ، قَالَ: أَحَلُّوا لَهُمْ الْحَرَامَ فَأَطَاعُوهُمْ، وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمْ الْحَلَالَ فَأَطَاعُوهُمْ، فَكَانَتْ تِلْكَ عِبَادَتُهُمْ إيَّاهُمْ» .
وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]