وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: «أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا مَعَهُ فِي سَفَرٍ فَقَالَ: إنْ يُطِعْ الْقَوْمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا» .
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِمَا سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَفْتَى بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ. وَابْنُ عَبَّاسٍ حَبْرُ الْأُمَّةِ وَأَعْلَمُ الصَّحَابَةِ وَأَفْقَهُهُمْ فِي زَمَانِهِ، وَهُوَ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، مُقَدِّمًا لِقَوْلِهِمَا عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِمَا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» .
وَأَيْضًا فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَ اخْتِصَاصُهُمَا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوْقَ اخْتِصَاصِ غَيْرِهِمَا، وَأَبُو بَكْرٍ كَانَ أَكْثَرَ اخْتِصَاصًا فَإِنَّهُ كَانَ يَسْمُرُ عِنْدَهُ عَامَّةَ اللَّيْلِ يُحَدِّثُهُ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثِنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ فِي الْأَمْرِ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَا مَعَهُ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا نَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ بِسَادِسٍ» . وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ، وَانْطَلَقَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَشَرَةِ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّيْتُ الْعِشَاءَ ثُمَّ رَجَعَ، فَلَبِثَ حَتَّى نَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَتْ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَك عَنْ أَضْيَافِك؟ قَالَ أَوَ عَشَّيْتِهِمْ، قَالَتْ أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ الْعَشَاءَ فَغَلَبُوهُمْ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَفِي رِوَايَةٍ كَانَ يَتَحَدَّثُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى اللَّيْلِ. وَفِي سَفَرِ الْهِجْرَةِ لَمْ يَصْحَبْ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ، وَيَوْمَ بَدْرٍ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ فِي الْعَرِيشِ