الْآنَ، وَلَا الْمُبَاشِرِينَ. ثُمَّ إنَّ رَجُلًا حَلَفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ يَسْتَأْجِرُ هَذَا الْجِدَارَ، وَهُوَ بَيْنَ الدُّورِ، وَأُزِيلَ مَا فَعَلَهُ مِنْ الْبُرُوزِ وَالسِّقَايَةِ، وَلَمْ أُحْدِثْ فِيهِ عِمَارَةً إلَّا احْتِسَابًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَاسْتَأْجَرَهُ كُلَّ سَنَةٍ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، مُدَّةَ عِشْرِينَ سَنَةً، حَتَّى بَقِيَ دَوْرُ قَاعَةِ الْوَقْفِ نَيِّرَةً، وَلَمْ تَتَضَرَّرْ الْجِيرَةُ بِالْعُلُوِّ. فَهَلْ يَجُوزُ الْإِيجَارُ لِلَّذِي تَعَدَّى؟ أَمْ لِلَّذِي قَصَدَ الْمَثُوبَةَ وَزِيَادَةً لِلْوَقْفِ بِالْأُجْرَةِ إنْ أَجَّرَهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ الْمَنْفَعَةَ بِالزِّيَادَةِ، وَلِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْ الْوَقْفِ؟
الْجَوَابُ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى جِدَارِ الْوَقْفِ مَا يَضُرُّ بِهِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ؛ بَلْ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَدَعْوَاهُ الِاسْتِئْجَارَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ بِغَيْرِ حُجَّةٍ. وَلَوْ آجَرَ إجَارَةً فِيهَا ضَرَرٌ عَلَى الْوَقْفِ لَمْ تَكُنْ إجَارَةً شَرْعِيَّةً. وَمَنْ طَلَبَ اسْتِئْجَارَهُ بَعْدَ هَذَا وَكَانَ ذَلِكَ مَصْلَحَةً لِلْوَقْفِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ بَلْ يَجِبُ أَنْ يُؤَجِّرَ، وَإِذَا كَانَ لَهُ نِيَّةٌ حَسَنَةٌ حَصَلَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ بِحَسَبِ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
910 - 69 مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ سَاكِنٍ فِي خَانِ وَقْفٍ، وَلَهُ مُبَاشِرٌ لِرَسْمِ عِمَارَتِهِ وَإِصْلَاحِهِ، وَإِنَّ السَّاكِنَ أَخْبَرَ الْمُبَاشِرَ أَنَّ مَسْكَنَهُ يُخْشَى سُقُوطُهُ، وَهُوَ يُدَافِعُهُ، ثُمَّ إنَّ الْمُبَاشِرَ صَعِدَ إلَى الْمَسْكَنِ الْمَذْكُورِ، وَرَآهُ بِعَيْنِهِ، وَرَكَضَهُ بِرَجُلِهِ، وَقَالَ: لَيْسَ بِهَذَا سُقُوطٌ، وَلَا عَلَيْك مِنْهُ ضَرَرٌ؛ وَتَرَكَهُ وَنَزَلَ، فَبَعْدَ نُزُولِهِ سَقَطَ الْمَسْكَنُ الْمَذْكُورُ عَلَى زَوْجَةِ السَّاكِنِ وَأَوْلَادِهِ، فَمَاتَ ثَلَاثَةٌ، وَعُدِمَ جَمِيعُ مَالِهِ: فَهَلْ يَلْزَمُ الْمُبَاشِرَ مَنْ مَاتَ، وَيَغْرَمُ الْمَالَ الَّذِي عُدِمَ أَمْ لَا؟ .
الْجَوَابُ: عَلَى هَذَا الْمُبَاشِرِ الْمَذْكُورِ الَّذِي تَقَدَّمَ إلَيْهِ وَأَخَّرَ الِاسْتِهْدَامَ ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِسُقُوطِهِ؛ بَلْ يَضْمَنُ، وَلَوْ كَانَ مَالِكَ الْمَكَانِ: إذَا خِيفَ السُّقُوطُ وَأُعْلِمَ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُعْلِمُ لَهُ مُسْتَأْجِرًا مِنْهُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ؛ لَكِنَّ بَعْضَهُمْ يَشْتَرِطُ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ، وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ مُفَرِّطٌ بِتَرْكِ نَقْضِهِ وَإِصْلَاحِهِ، وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ. فَإِنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُرِيَ ذَلِكَ لِأَرْبَابِ الْخِبْرَةِ بِالْبِنَاءِ، فَإِذَا تَرَكَ ذَلِكَ كَانَ مُفَرِّطًا