وَالْبَنَّاءُ وَنَحْوُهُمْ مِمَّنْ يَأْخُذُ عَلَى عَمَلٍ يَعْمَلُهُ فِي تَحْصِيلِ الْمَالِ؛ أَوْ عِمَارَةِ الْمَكَانِ؛ يُقَدَّمُونَ بِأَخْذِ الْأُجْرَةِ.
وَالْإِمَامَةُ وَالْأَذَانُ شَعَائِرُ لَا يُمْكِنُ إبْطَالُهَا؛ وَلَا تَنْقِيصُهَا بِحَالٍ؛ فَالْجَاعِلُ جَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ لِأَصْحَابِهَا يُقَدَّمُ عَلَى مَا يَأْخُذُهُ الْفُقَهَاءُ؛ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُدَرِّسِ وَالْمُفِيدِ وَالْفُقَهَاءِ؛ فَإِنَّهُمْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُ ثَمَنِ الْحُصُرِ وَمِلْءُ الصِّهْرِيجِ مِنْ ثُلُثِ الْعِمَارَةِ أَوْ غَيْرِهِ يَجْعَلْ ذَلِكَ؛ وَيُوَفَّرْ الثُّلُثَانِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ؛ فَإِنَّهُ إذَا شَرَطَ أَنَّ الثُّلُثَ لِلْعِمَارَةِ وَالثُّلُثَيْنِ لِأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ؛ لَمْ يَكُنْ أَخْذُ ثَمَنِ الْحُصُرِ وَنَحْوِهَا مِنْ هَذَا أَوْلَى مِنْ صَرْفِهَا مِنْ هَذَا؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْوَقْفِ شَرْطٌ شَرْعِيٌّ بِخِلَافِ هَذَا.
854 - 13 مَسْأَلَةٌ:
فِيمَنْ وَقَفَ تُرْبَةً وَشَرَطَ الْمُقْرِي عَزَبًا فَهَلْ يَحِلُّ التَّنَزُّلُ مَعَ التَّزَوُّجِ
الْجَوَابُ: هَذَا شَرْطٌ بَاطِلٌ؛ وَالْمُتَأَهِّلُ أَحَقُّ بِمِثْلِ هَذَا مِنْ الْمُتَعَزِّبِ؛ إذَا اسْتَوَيَا فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ؛ إذْ لَيْسَ فِي التَّعَزُّبِ هُنَا مَقْصُودٌ شَرْعِيٌّ.
855 - 14 مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى عَدَدٍ مَعْلُومٍ مِنْ النِّسَاءِ وَالْأَرَامِلِ وَالْأَيْتَامِ؛ وَشَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ؛ ثُمَّ الصَّالِحُ مِنْ وَلَدِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى؛ وَلِلْوَاقِفِ أَقَارِبُ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ مِمَّنْ هُوَ مُحْتَاجٌ؛ وَقَصَدَ النَّاظِرُ أَنْ يُمَيِّزَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي الصَّرْفِ. هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُمَيِّزَهُمْ؟
الْجَوَابُ: إذَا اسْتَوَوْا هُمْ وَغَيْرُهُمْ فِي الْحَاجَةِ؛ فَأَقَارِبُ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُونَ عَلَى نَظَائِرِهِمْ الْأَجَانِبِ؛ كَمَا يُقَدَّمُونَ لِصِلَتِهِ فِي حَيَاتِهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَدَقَتُك عَلَى الْمُسْلِمِينَ صَدَقَةٌ؛ وَعَلَى ذَوِي الرَّحِمِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» .
وَلِهَذَا يُؤْمَرُ أَنْ يُوصِيَ لِأَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ؛ إمَّا أَمْرَ إيجَابٍ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ