الْمَنْزِلَ، فَأَخَذَ يَقُولُ: مِنْ أَيْنَ كَانَتْ، هَذِهِ رِيحٌ أَلْقَتْهَا وَأَنَا لَا ذَنْبَ لِي فِي هَذِهِ النَّارِ، فَمَا زَالَ يَتَعَلَّلُ حَتَّى انْتَشَرَتْ وَانْتَثَرَتْ الدَّارَ وَمَا فِيهَا، هَذِهِ حَالُ مَنْ شَرَعَ يُحِيلُ الذُّنُوبَ عَلَى الْمَقَادِيرِ. وَلَا يَرُدُّهَا بِالِاسْتِغْفَارِ وَالْمَعَاذِيرِ. بَلْ حَالُهُ أَسْوَأُ مِنْ زَلَّاتِ الذَّنْبِ، فَعَلَهُ إنْ كَانَ اللَّهَ.
بِخِلَافِ الشَّرَرَةِ فَإِنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ فِيهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يُوَفِّقُنَا وَإِيَّاكُمْ وَسَائِرَ إخْوَانِنَا لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ، وَلَا تُنَالُ طَاعَتُهُ إلَّا بِمَعُونَتِهِ، وَتُتْرَكُ مَعْصِيَتُهُ إلَّا بِعِصْمَتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
834 - 3 مَسْأَلَةٌ:
فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.
الْجَوَابُ: قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: كَفَّارَةُ الْيَمِينِ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ، قَالَ تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [المائدة: 89] .
فَمَتَى كَانَ وَاحِدًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ بِإِحْدَى الثَّلَاثِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثِهِ أَيَّامٍ، وَإِذَا اخْتَارَ أَنْ يُطْعِمَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ فَلَهُ ذَلِكَ، وَمِقْدَارُ مَا يُطْعِمُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ أَنَّ إطْعَامَهُمْ هَلْ هُوَ مُقَدَّرٌ بِالشَّرْعِ أَوْ بِالْعُرْفِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ مُقَدَّرٌ بِالشَّرْعِ وَهَؤُلَاءِ عَلَى أَقْوَالٍ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَطَائِفَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُطْعِمُ كُلَّ وَاحِدٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وَشَعِيرٍ، أَوْ رُبُعَ صَاع مِنْ بُرٍّ، وَهُوَ مُدٌّ كَقَوْلِ أَحْمَدَ وَطَائِفَةٍ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ يُجْزِئُ فِي الْجَمِيعِ مُدٌّ مِنْ الْجَمِيعِ، كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٍ وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ مُقَدَّرٌ بِالْعُرْفِ، لَا بِالشَّرْعِ، فَيُطْعِمُ أَهْلَ كُلِّ بَلَدٍ مِنْ