قَالَ: لَيْسَتْ الْجَهْمِيَّةُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ. وَالْجَهْمِيَّةُ نُفَاةُ الصِّفَاتِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يُعْرَجْ بِهِ إلَى اللَّهِ، وَأَنَّ اللَّهَ لَا عِلْمَ لَهُ وَلَا قُدْرَةَ وَلَا حَيَاةَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ كَمَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْمُتَفَلْسِفَةُ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ.
وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: هُمَا صِنْفَانِ، فَاحْذَرْهُمَا: الْجَهْمِيَّةُ وَالرَّافِضَةُ.
فَهَذَانِ الصِّنْفَانِ شِرَارُ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَمِنْهُمْ دَخَلَتْ الْقَرَامِطَةُ الْبَاطِنِيَّةُ كَالنُّصَيْرِيَّةِ، وَالْإِسْمَاعِيلِيَّة، وَمِنْهُمْ اتَّصَلَتْ الِاتِّحَادِيَّةُ، فَإِنَّهُمْ مِنْ جِنْسِ الطَّائِفَةِ الْفِرْعَوْنِيَّةِ.
وَالرَّافِضَةُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ مَعَ الرَّفْضِ جَهْمِيَّةٌ قَدَرِيَّةٌ، فَإِنَّهُمْ ضَمُّوا إلَى الرَّفْضِ مَذْهَبَ الْمُعْتَزِلَةِ، ثُمَّ قَدْ يَخْرُجُونَ إلَى مَذْهَبِ الْإِسْمَاعِيلِيَّة وَنَحْوِهِمْ مِنْ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ وَالِاتِّحَادِ، وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
833 - 2 - مَسْأَلَةٌ:
فِي الْأَقْضِيَةِ، هَلْ هِيَ مُقْتَضِيَةُ الْحِكْمَةِ أَمْ لَا؟ فَإِذَا كَانَتْ مُقْتَضِيَةَ الْحِكْمَةِ أَرَادَ رَبُّك مِنْ النَّاسِ مَا هُمْ فَاعِلُوهُ. وُجُوبُ الْقَدَرِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قَدْ أَحَاطَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَقُدْرَةً وَحُكْمًا، وَوَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا، فَمَا مِنْ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي إلَّا وَهُوَ شَاهِدٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِتَمَامِ الْعِلْمِ وَالرَّحْمَةِ. وَكَمَالِ الْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ. وَمَا خَلَقَ الْخَلْقَ بَاطِلًا وَلَا فَعَلَ شَيْئًا عَبَثًا، بَلْ هُوَ الْحَكِيمُ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ثُمَّ مِنْ حِكْمَتِهِ مَا أَطْلَعَ خَلْقَهُ بَعْضَهُمْ - وَمِنْهُ مَا اسْتَأْثَرَ سُبْحَانَهُ بِعِلْمِهِ.
وَإِرَادَتُهُ قِسْمَانِ: إرَادَةُ أَمْرٍ وَتَشْرِيعٍ، وَإِرَادَةُ قَضَاءٍ وَتَقْدِيرٍ.