[كِتَابُ الشَّهَادَةِ وَالْأَقْضِيَةِ وَالْأَمْوَالِ] [مَسْأَلَةٌ الشَّهَادَة عَلَى الْعَاصِي وَالْمُبْتَدِعِ]
ِ 832 - 1 - مَسْأَلَةٌ:
فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَاصِي وَالْمُبْتَدِعِ، هَلْ تَجُوزُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَالشُّهْرَةِ، أَمْ لَا بُدَّ مِنْ السَّمَاعِ وَالْمُعَايَنَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الِاسْتِفَاضَةُ فِي ذَلِكَ كَافِيَةً فَمَنْ ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَمَا وَجْهُ حُجَّتِهِ. وَالدَّاعِي إلَى الْبِدْعَةِ وَالْمُرَجِّحُ لَهَا، هَلْ يَجُوزُ السَّتْرُ عَلَيْهِ أَمْ يَتَأَكَّدُ إشْهَارُهُ لِيَحْذَرَهُ النَّاسُ، وَمَا حَدُّ الْبِدْعَةِ الَّتِي يُعَدُّ فِيهَا الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ؟
الْجَوَابُ: مَا يُجَرَّحُ بِهِ الشَّاهِدُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِ وَدِينِهِ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ بِهِ إذَا عَلِمَهُ الشَّاهِدُ بِهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ قَدْحًا شَرْعِيًّا، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ طَوَائِفُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنْبَلِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ فِي كُتُبِهِمْ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ، صَرَّحُوا فِيمَا إذَا جُرِّحَ الرَّجُلُ جَرْحًا مُفْسِدًا أَنَّهُ يُجَرِّحُهُ الْجَارِحُ بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُ أَوْ رَآهُ وَاسْتَفَاضَ.
مَا أَعْلَمُ فِي هَذَا نِزَاعًا بَيْنَ النَّاسِ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ يَشْهَدُونَ فِي وَقْتِنَا فِي مِثْلِ عُمَرَ بْنِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَأَمْثَالِهِمَا وَاَلَّذِينَ بِمَا لَمْ يَعْلَمُوهُ إلَّا بِالِاسْتِفَاضَةِ.
وَيَشْهَدُونَ فِي مِثْلِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، وَالْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، وَغَيْلَانَ الْقَدَرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ الرَّافِضِيِّ، وَنَحْوِهِمْ مِنْ الظُّلْمِ وَالْبِدْعَةِ بِمَا لَا يَعْلَمُونَهُ إلَّا بِالِاسْتِفَاضَةِ.