فَهَذِهِ وَأَمْثَالُهَا حُجَجُهُمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ كَانَ مُسْلِمًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُطِيعَ الْمُسْلِمَ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا وَلَا يُطِيعُ الْكَافِرَ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ مَا أَقَامَ فِيكُمْ كِتَابَ اللَّهِ» .
وَدِينُ الْإِسْلَامِ إنَّمَا يُفَضِّلُ الْإِنْسَانَ بِإِيمَانِهِ وَتَقْوَاهُ لَا بِآبَائِهِ، وَلَوْ كَانُوا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ خَلَقَ الْجَنَّةَ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، وَخَلَقَ النَّارَ لِمَنْ عَصَاهُ وَلَوْ كَانَ شَرِيفًا قُرَشِيًّا. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَبْيَضَ، وَلَا لِأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ إلَّا بِالتَّقْوَى، النَّاسُ مِنْ آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِقَبِيلَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْهُ: «إنَّ آلَ أَبِي فُلَانٍ لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِي إنَّمَا وَلِيِّي اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ» .
فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مُوَالَاتَهُ لَيْسَتْ بِالْقَرَابَةِ وَالنَّسَبِ، بَلْ بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى، فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي قَرَابَةِ الرَّسُولِ فَكَيْفَ بِقَرَابَةِ جِنْكِيزْ خَانْ الْكَافِرِ الْمُشْرِكِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ أَعْظَمَ إيمَانًا وَتَقْوًى كَانَ أَفْضَلَ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَسْوَدَ حَبَشِيًّا وَالثَّانِي عَلَوِيًّا أَوْ عَبَّاسِيًّا.
778 - 7 - مَسْأَلَةٌ: فِي أَجْنَادٍ يَمْتَنِعُونَ عَنْ قِتَالِ التَّتَارِ، وَيَقُولُونَ: إنَّ فِيهِمْ مَنْ يَخْرُجُ