شَرِيعَةٍ غَيْرِ شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ كَافِرٌ، وَهُوَ كَكُفْرِ مَنْ آمَنَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَكَفَرَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا} [النساء: 150] {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء: 151] .
وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى دَاخِلُونَ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْمُتَفَلْسِفَةُ يُؤْمِنُونَ بِبَعْضٍ وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ، وَمَنْ تَفَلْسَفَ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى يَبْقَى كُفْرُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ.
وَهَؤُلَاءِ أَكْثَرُ وُزَرَائِهِمْ الَّذِينَ يَصْدُرُونَ عَنْ رَأْيِهِ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَهُودِيًّا مُتَفَلْسِفًا ثُمَّ انْتَسَبَ إلَى الْإِسْلَامِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ وَالتَّفَلْسُفِ، وَضَمَّ إلَى ذَلِكَ الرَّفْضَ فَهَذَا هُوَ أَعْظَمُ مَنْ عِنْدَهُمْ مِنْ ذَوِي الْأَقْلَامِ وَذَاكَ أَعْظَمُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ ذَوِي السَّيْفِ فَلْيَعْتَبِرْ الْمُؤْمِنُ بِهَذَا.
وَبِالْجُمْلَةِ: فَمَا مِنْ نِفَاقٍ وَزَنْدَقَةٍ وَإِلْحَادٍ إلَّا وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي اتِّبَاعِ التَّتَارِ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَجْهَلِ الْخَلْقِ وَأَقَلِّهِمْ مَعْرِفَةً بِالدِّينِ وَأَبْعَدِهِمْ عَنْ اتِّبَاعِهِ وَأَعْظَمِ الْخَلْقِ اتِّبَاعًا لِلظَّنِّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ.
وَقَدْ قَسَّمُوا النَّاسَ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ يال رُبَاع وداشمند وطاط، أَيْ صَدِيقُهُمْ وَعَدُوُّهُمْ وَالْعَالِمُ وَالْعَامِّيُّ، فَمَنْ دَخَلَ فِي طَاعَتِهِمْ الْجَاهِلِيَّةِ وَسُنَّتِهِمْ الْكُفْرِيَّةِ كَانَ صَدِيقَهُمْ، وَمَنْ خَالَفَهُمْ كَانَ عَدُوَّهُمْ.
وَلَوْ كَانَ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَأَوْلِيَائِهِ، وَكُلُّ مَنْ انْتَسَبَ إلَى عِلْمٍ أَوْ دِينٍ سَمَّوْهُ " داشمند " كَالْفَقِيهِ، وَالزَّاهِدِ، وَالْقِسِّيسِ، وَالرَّاهِبِ، وَدَنَانِ الْيَهُودِ، وَالْمُنَجِّمِ، وَالسَّاحِرِ، وَالطَّبِيبِ، وَالْكَاتِبِ، وَالْحَاسِبِ، فَيُدْرِجُونَ سَادِنَ الْأَصْنَامِ فَيُدْرِجُونَ فِي هَذَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَهْلِ الْبِدَعِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ، وَيَجْعَلُونَ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ نَوْعًا وَاحِدًا، بَلْ يَجْعَلُونَ الْقَرَامِطَةَ الْمَلَاحِدَةَ الْبَاطِنِيَّةَ الزَّنَادِقَةَ الْمُنَافِقِينَ كَالطُّوسِيِّ وَأَمْثَالِهِ، هُمْ الْحُكَّامُ عَلَى جَمِيعِ مَنْ انْتَسَبَ إلَى عِلْمٍ أَوْ دِينٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
وَكَذَلِكَ وَزِيرُهُمْ السَّفِيهُ الْمُلَقَّبُ بِالرَّشِيدِ، يَحْكُمُ عَلَى هَذِهِ الْأَصْنَافِ وَيُقَدِّمُ