كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بَاطِنًا
وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَطْرُقَهُ خِلَافٌ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَكَذَا ظَاهِرًا عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَهَذَا حَاصِلُ مَا يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا سَتَعْلَمُهُ مِمَّا يُتْلَى عَلَيْك وَبِهِ يَزْدَادُ عَجَبُك مِنْ الْإِطْلَاقَاتِ السَّابِقَةِ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْقَائِلِينَ بِالْحِلِّ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الْكَذِبَ أَوْ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَالْقَائِلِينَ بِحُرْمَتِهَا كَذَلِكَ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِلْحَاقَ وَصَدَقَ فِيهِ وَالْقَائِلِينَ بِحُرْمَتِهَا ظَاهِرًا وَحِلِّهَا بَاطِنًا عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِلْحَاقَ وَكَذَبَ فِيهِ وَهَذَا الْحَمْلُ مُتَعَيَّنٌ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتِلْكَ الْإِطْلَاقَاتِ وَجْهٌ أَلْبَتَّةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ وَإِذْ قَدْ تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَلْنَشْرَعْ الْآنَ فِي ذِكْرِ الْأَبْوَابِ الثَّلَاثَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى تِلْكَ الْأَجْوِبَةِ الثَّلَاثَةِ وَنَتَكَلَّمُ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا مِمَّا يَشْفِي الْعَلِيلَ وَيُبْرِدُ الْغَلِيلَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَهِدَايَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَإِسْعَافِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَوِقَايَتِهِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ.
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحِلِّ مِنْ غَيْر تَفْصِيلٍ) اعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ مَنْ قَالَ أَنْتِ أَوْ هَذِهِ أُخْتِي لِزَوْجَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ فِيهَا وَجْهَانِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ لَكِنْ لَا مُطْلَقًا بَلْ عِنْدَ اسْتِلْحَاقِهَا بِذَلِكَ فَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ لَا الْمُكَذِّبُ زَوْجَةَ الْمُسْتَلْحِقِ فَفِي ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا إذَا كَانَتْ مَشْهُورَةَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ. اهـ.
فَفِيهِ التَّصْرِيحُ فِي الزَّوْجَةِ الْمَجْهُولَةِ وَالْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ إذَا اسْتَلْحَقَهَا زَوْجُهَا بِجَرَيَانِ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا: الْحِلُّ وَالثَّانِي: الْحُرْمَةُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِمْ مَا يَدُلُّ لِتَرْجِيحِ الْأَوَّلِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا يَدُلُّ لِتَرْجِيحِ الثَّانِي كَمَا يَأْتِي مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْإِفْتَاءَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مُسْتَنَدًا مِنْ كَلَامِهِمْ وَسَيَأْتِي أَنَّ لِلْإِفْتَاءِ الثَّالِثَ مُسْتَنَدًا أَيْضًا لَكِنَّهُ مِنْ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ بِقَيْدِهِ الْآتِي مَعَ بَسْطِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا أَيْضًا لَوْ مَاتَ وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ مُسْتَغْرِقَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ ثَالِثٍ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ أَيْ: إجْمَاعًا كَمَا حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ أَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَثْبُتُ وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَجْهًا أَنَّهُ يَثْبُتُ وَيَتَأَكَّدُ بِمَسَائِلَ يَثْبُتُ فِيهَا الْفَرْعُ دُونَ الْأَصْلِ مِنْهَا لَوْ قَالَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ فُلَانَةُ بِنْتُ أَبِينَا فَفِي حِلِّهَا لِلْمُقِرِّ وَجْهَانِ وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْرُوفَةَ النَّسَبِ فَوَجْهَانِ. اهـ.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ الْمُسْتَغْرَقِينَ بِأَخٍ فَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ فَرْعُ النَّسَبِ وَلَمْ يَثْبُتْ وَفِي وَجْهٍ يَرِثُ وَيُشَارِكُ الْمُقِرَّ فِيمَا فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا فُلَانَةُ بِنْتُ أَبِينَا هَلْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهَا وَجْهَانِ انْتَهَتْ. قَالَ فِي التَّوَسُّطِ هَذَا كَلَامٌ سَقَطَ صَدْرُهُ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ وَصَوَابُهُ مَا فِي النُّسْخَةِ الصَّحِيحَةِ وَهُوَ مَا فِي الْكُتُبِ غَيْرِهَا وَلَوْ قَالَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ فُلَانَةُ بِنْتُ أَبِينَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ حُرِّمَ عَلَى الْمُقِرِّ نِكَاحُهَا مَعَ أَنَّ حُرْمَتَهُ فَرْعُ النَّسَبِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِعَبْدٍ فِي التَّرِكَةِ أَنَّهُ ابْنُ أَبِينَا هَلْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ فِيهِ وَجْهَانِ وَفِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَنْتِ أُخْتِي مِنْ النَّسَبِ وَكَذَّبَهُ أَخُوهُ وَهِيَ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ حُرِّمَ نِكَاحُهَا وَإِنْ كَانَتْ مَعْرُوفَةَ النَّسَبِ فَفِي التَّحْرِيمِ وَجْهَانِ قَالَ الْإِمَامُ وَذِكْرُ الْخِلَافِ فِيهَا عَظِيمٌ، ثُمَّ لَا خِلَافَ فِيهِ مَعَ تَسْلِيمِ الْحُرْمَةِ فِي مَجْهُولَةِ النَّسَبِ. اهـ. مَا فِي التَّوَسُّطِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ مَنْقُولَ الْمَذْهَبِ فِي مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ عِنْدَ اسْتِلْحَاقِهَا وَجْهَانِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ لَهَا ذَلِكَ وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَأَنَّ مُنَازَعَةَ الْإِمَامِ فِي حِكَايَتِهِمَا فِيهَا قَبْلَ النِّكَاحِ مَرْدُودَةٌ وَمِنْ ثَمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ حَيْثُ حَكَوْا الْوَجْهَيْنِ فِيهَا.
بَلْ صَنِيعُ الْقَمُولِيِّ السَّابِقُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمَا مَحْكِيَّانِ حَتَّى فِي الْمَجْهُولَةِ النَّسَبِ وَأَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هِيَ لِلْقَاضِي فَإِنَّهُ رَجَّحَ فِي الْمَجْهُولَةِ التَّحْرِيمَ دُونَ الْمَعْرُوفَةِ وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ وَاضِحًا بَيْنَهُمَا بِمَا يُعْلَمُ بِهِ رَدُّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَقَدْ صَرَّحَ غَيْرُ الْقَمُولِيِّ بِحِكَايَتِهِمَا فِي الْمَجْهُولَةِ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ حِكَايَةِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَعْرُوفَةِ مَا مَرَّ عَنْ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ فِي الْمَجْهُولَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ فِي الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ اسْتِلْحَاقِهَا وَجْهَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي نِكَاحِهِ أَمْ لَا تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَى الرَّاجِحِ مِنْهُمَا وَاَلَّذِي