كَانَ الطَّالِبُ لِذَلِكَ هُوَ وَارِثُ الِابْن غَيْر الزَّوْجَة فَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ لَهُ هُوَ الزَّوْجَةُ الَّتِي هِيَ الْمَضْمُونُ لَهُ فَالْأَوْجَه أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ الْأَبَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ الرُّجُوعِ عَلَى التَّرِكَةِ وَعَلَى الضَّامِنِ فَإِذَا اخْتَارَتْ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ كَانَ لَهَا ذَلِكَ إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ وَكَلَام النِّهَايَةِ وَمُخْتَصَرهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ نَافَاهُ ظَاهِر مَا ذَكَرَهُ الْفَزَارِيّ.

(وَسُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ إقْرَارُ الْمَضْمُون عَنْهُ بِالدَّيْنِ حَتَّى لَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ الدَّيْنِ وَاعْتَرَفَ بِهِ إنْسَانٌ ثُمَّ ضَمِنَهُ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْكِفَايَة أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ فَيَصِحُّ وَيَلْزَمهُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ فِي الْمَدِينَة الشَّرِيفَة عَلَى سَاكِنهَا أَفْضَل الصَّلَاة وَالسَّلَام وَفِي مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْ آخَرَ دَرَاهِمَ ثُمَّ يُرْهِنهُ بِهَا رَهْنًا مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَلَا يَتِمُّ تَوَثُّقُهُ فَيَتَوَلَّى طَامِعه عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي لَهُ بِضَامِنٍ يَضْمَنُ لَهُ صِحَّةَ الرَّهْن فَيُقْرِضهُ ثُمَّ يَرْهَنُ عِنْدَهُ الرَّهْنَ ثُمَّ يَقُولُ آخَر ضَمِنْت لَك صِحَّةَ الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّهُمَا يُضْمِرَانِ أَنَّهُ مَتَى خَرَجَ الرَّهْنُ مُسْتَحَقًّا صَارَ الضَّامِنُ الْمَذْكُور ضَامِنًا لِذَلِكَ الدَّيْن الْمَرْهُونِ بِسَبَبِهِ أَوْ لِمِثْلِ هَذَا الرَّهْنِ لِيَأْتِيَ بِهِ إلَى الْمُقْرِض لِيُبْقِيَ تَوَثُّقَهُ فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ وَإِذَا خَرَجَ مُسْتَحَقًّا يَكُونُ ضَامِنًا لِلدَّيْنِ أَوْ لِمِثْلِ الرَّهْنِ.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا قَرَّرُوهُ مِنْ صِحَّةِ ضَمَانِ دَرْكِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ بِجَامِعِ الْحَاجَةِ إلَيْهِمَا فِي مُعَامَلَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَاله وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ عَدَم تَخْرِيجِهِ عَلَيْهِ إمَّا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْقَاعِدَةِ كَمَا قَرَّرُوهُ فَلَا يُقَاسَ عَلَيْهِ كَمَا وَقَعَ لِلْفُقَهَاءِ نَظِيرُهُ فِي مَسَائِل خَرَجَتْ عَنْ الْأَصْلِ فَلَا يَقِيسُونَ عَلَيْهَا وَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي خَرَجَتْ لِأَجْلِهِ هَذَا إنْ سُلِّمَ أَنَّ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ جَامِعًا وَقَدْ يُقَالُ لَا جَامِعَ بَيْنهمَا أَصْلًا فَلَا تُقَاسُ مَسْأَلَةُ الرَّهْنِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِ الْقِيَاس لِوُجُودِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا.

وَهُوَ أَنَّ فِي تَصْحِيحِ الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ فِي مَسْأَلَة الْبَيْعِ الْأَمْنُ مِنْ ضَيَاعِ الْمُقَابِلِ مِنْ كُلِّ الْمَبِيع أَوْ الثَّمَنِ أَوْ مَا نَقَصَ فَفِيهِ مَصْلَحَةٌ تَعُود عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ الْمُشْتَمِل عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَمْنِ غَائِلَةِ مَنْ لَا يُدْرَى حَاله وَأَمَّا فِي مَسْأَلَة الرَّهْنِ فَلَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَعُود عَلَى نَفْس عَقْدِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ تَابِعٌ وَبِخُرُوجِ الْمَرْهُون مُسْتَحَقًّا لَا يُمْكِنُ إلْزَامُ الضَّامِن بِمِثْلِهِ بَلْ يَكُونُ ضَامِنًا لِدَيْنِ الْقَرْضِ فَالْمَنْفَعَةُ لَمْ تَعُدْ إلَّا عَلَيْهِ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَضْمُونِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُقَابِلٍ لَهُ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ فَعَوْدُ الْمَصْلَحَةِ إلَيْهِ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ لِثُبُوتِهِ وَرِضَا الْمُقْرِضِ بِذِمَّتِهِ قَبْلَ الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ الرَّهْنُ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ وَإِلَّا فَاشْتِرَاطُهُ كَافٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ خُرُوجِ الْمَرْهُونِ مُسْتَحَقًّا يُطَالِبهُ بِرَهْنِ غَيْرِهِ وَأَيْضًا فَهُوَ فِي دَيْنِ الْقَرْضِ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّوَثُّقِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ بِأَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ الْإِتْيَانَ بِمَنْ يَكْفُلهُ فَلَا ضَرُورَةَ لَهُ إلَى ضَمَانِ دَرْكِ الرَّهْنِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَة الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ اشْتِرَاطُ الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ إلَّا عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ الْمُعَيَّنِ فَإِذَا خَافَ آخِذُهُ مِنْ خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا أَوْ نَاقِصًا كَانَ مُضْطَرًّا إلَى وُجُودِ مَنْ يَضْمَنُ لَهُ دَرْكُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ عِنْدَهُ لِعَدَمِ تَأَتِّي الضَّمَان الْأَصْلِيّ فِيهِ فَاغْتُفِرَ لَهُ اشْتِرَاطُ ضَمَانِ دَرْكِهِ لِلضَّرُورَةِ.

فَهِيَ مُحَقَّقَةٌ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ فَجَازَ فِيهِ ضَمَانُ الدَّرْكِ الْمُخَالِف لِلْأَصْلِ وَالْقَاعِدَةُ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ بَلْ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ فَلَمْ تَجْرِ فِيهَا.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ ضَمِنَ دَيْنًا مُعَيَّنًا وَرَهَنَ بِهِ مِلْكَهُ ثُمَّ إنَّ الدَّائِنَ أَبْرَأَهُ مِنْ الضَّمَانِ فَهَلْ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ أَيْضًا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَجَابَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَعْدَ فِكْرِهِ فِيهَا مُدَّةً أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَ الْتَزَمَ هَذَا الدَّيْنَ بِطَرِيقَيْنِ أَحَدُهُمَا تَعَلُّقُهُ بِعَيْنِ الرَّهْنِ وَالْآخَرُ جَعْلُهُ فِي ذِمَّتِهِ وَأَحَدُهُمَا مُنْفَكٌّ عَنْ الْآخَرِ فَالْإِبْرَاءُ عَنْ الضَّمَانِ لَا يَكُونُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُمَا مُتَعَلِّقَانِ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ فَإِسْقَاطُ أَحَدِهِمَا إسْقَاطٌ لِلْآخَرِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ لَا عَنْ خُصُوصِيَّةِ الضَّمَانِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ أَنْتَ فِي حِلٍّ فِي نَصِيبِي هَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَمْ كِنَايَةَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ أَلْفَاظُ الْإِبْرَاءِ تِسْعَةٌ عَفَوْت وَأَبْرَأْت وَأَسْقَطْت وَحَطَطْت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015