بَلْ لَهُ بِذَلِكَ غَايَةُ الْفَخْرِ وَالتَّمَيُّزِ وَأَمَّا مَا دُوِّنَ وَاسْتَقَرَّ بَيْنَ مَنْ عَلَيْهِمْ الْعُمْدَةُ فِي تَحْرِيرَ الْمَذْهَبِ وَتَرْجِيحه فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِمْ بِنُصُوصِ مُخَالِفِهِمْ أَلَا تَرَى مَا وَقَعَ لِلشِّيحَيْنِ فِي مَسَائِلَ يُعْتَرَضُ فِيهَا عَلَيْهِمَا بِالنُّصُوصِ فَأُجِيبَ عَنْهُمَا وَأُبِينَ مُسْتَنَدُهُمَا مِنْ نُصُوصٍ أُخْرَى أَوْ غَيْرِهَا وَالِاعْتِرَاضُ بِذَلِكَ مُغَالَطَةٌ لَيْسَتْ فِي مَحَلِّهَا ثُمَّ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَهْلِ التَّخْرِيجِ إنْ أَرَادَ بِهِمْ أَصْحَابَ الْوُجُوهِ كَمَا هُوَ مُؤَدَّى هَذَا اللَّفْظِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مُفْتَرَيَاتِهِ الَّتِي يَشْهَدُ بِهَا مَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ بَعْدَ أَصْحَابِ الْوُجُوهِ مِنْ اسْتِشْهَادِهِمْ بِالنُّصُوصِ مُطْلَقًا لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ إلَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ إلْمَامٌ بِشَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ أَوْ غَيْر أَصْحَابِ الْوُجُوهِ فَهُوَ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِاصْطِلَاحِهِمْ يَشْمَلُ أَمْثَالَهُ فَيُنَاقِضُ مَا اخْتَرَعَهُ بِقَوْلِهِ لَيْسَ لِأَمْثَالِنَا إلَخْ غَافِلًا عَمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ اعْتَرَضَ فَرْقِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ عَلَى تَرْجِيحِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَقَصْرِهِ كَلَامَهُ فِي الصَّدَقَةِ بِأَنِّي فَرَّقْت بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ فِي الصَّدَقَةِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَهَذَا كَذِبٌ عَلَيَّ فَإِنِّي لَمْ أُفَرِّقْ بِذَلِكَ أَصْلًا وَإِنَّمَا حَاصِلُ الَّذِي فَرَّقْت بِهِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ فِي الصَّدَقَةِ إلَّا الْفِعْلَ وَهُوَ حَرَامٌ لِذَاتِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَإِنَّ الْمُمَلَّكَ فِيهَا الْقَوْل وَهُوَ بِمُجَرَّدِهِ لَا تَفْوِيتَ فِيهِ هَذَا آخِرُ مَا أَرَدْتُهُ وَبَيَّنْتُهُ وَحَرَّرْتُهُ مِنْ سَقَطَاتِهِ مِمَّا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يُنْشِدَ فِيهِ وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي الْأَذْهَانِ شَيْءٌ إذَا احْتَاجَ النَّهَارُ إلَى دَلِيلٍ فَلْيُنْتَبَهْ لِذَلِكَ الْمَحْظُورِ وَلَا يَغْفُلْ عَنْهُ الرَّاسِخُونَ فَإِنَّ تَحْرِيفَاتِ هَذَا الرَّجُلِ وَإِظْهَارَهُ لِلْمُفْتَرَيَاتِ فِي صُوَرٍ مُوهِمَةٍ بِالْأَبَاطِيلِ وَالتُّرَّهَاتِ حَتَّى رُبَّمَا تَوَهَّمَ ضُعَفَاءُ الْإِدْرَاكِ أَنَّهَا يَقِينِيَّاتٌ فِي صُورَة قُوَى يَحْتَاجُ لِمَزِيدِ تَيَقُّظٍ وَبَصِيرَةٍ أَحْسَنَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْهُ السَّرِيرَةَ
وَحَقَّقَ لَنَا الْهِدَايَة وَالْإِخْلَاصَ وَنَجَّانَا مِنْ بَوَائِقِنَا حِينَ لَا مَنَاصَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ كُلَّمَا ذَكَرَك وَذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ وَكُلَّمَا غَفَلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الْغَافِلُونَ قَالَ مُؤَلِّفُهُ أَنْهَيْته نِصْفَ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ سَابِعَ مُحَرَّمِ الْحَرَامِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَةٍ وَإِلَى اللَّه تَعَالَى أَرْفَعُ أَكُفَّ الضَّرَاعَةِ فِي أَنْ يَخْرِقَ الْعَادَةَ بِطُولِ حَيَاتِهِ وَلِسَانِ قَلَمِهِ فِي الذَّبِّ عَنْ الشَّرِيعَة عَلَى وَفْقِ مَرْضَاتِهِ آمِينَ تَمَّ الْكِتَابُ الْمُبَارَكُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَحُسْنِ تَوْفِيقِهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ أَجْمَعِينَ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل.
(وَسُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَ الْيَتِيمُ بِبَلَدٍ وَمَالُهُ بِأُخْرَى وَمَا حَاصِل كَلَامِ بُرْهَانِ الدَّيْنِ بْنِ ظَهِيرَةَ فِي فَتَاوِيهِ؟
(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقَاضِي بَلَدِ مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ كَانَ بِبَلَدٍ وَمَالُهُ بِآخَرَ فَالْوَلِيُّ قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ تَرْتَبِطُ بِمَالِهِ كَمَالِ الْغَائِبِينَ لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِالْحِفْظِ وَبِالتَّعَهُّدِ وَبِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ مِنْ الْغِبْطَةِ اللَّائِقَةِ إذَا أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ إمَّا مُطْلَقٌ نَحْوُ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهِمَا فَلِقَاضِي بَلَدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ
كَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ اسْتِحْضَارَهُ إلَيْهِ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيق وَظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ
لِيَتَّخِذَ لَهُ عَقَارًا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَيَجِبُ عَلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ إسْعَافُهُ بِذَلِكَ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ طَلَبُهُ إيَّاهُ وَأَهْلِيَّتُهُ لِتَسَلُّمِهِ فَيُسَلِّمُهُ لِثِقَةٍ لِيُوَصِّلَهُ لَهُ وَلَيْسَ عِنْدِي فَتَاوَى الْبُرْهَانِ الَّتِي ذَكَرْتُمُوهَا وَمَسْأَلَةُ مِنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ مَذْكُورَةٌ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ شَرْح الْإِرْشَادِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا بِيعَ مَالُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَكَمُلَ فَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ بَيْعٌ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ بِلَا حَاجَةٍ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ وَمَا الْمُعْتَمَدُ مِنْ الِاضْطِرَابِ فِيهَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ إنْ ادَّعَى بَعْدَ كَمَالِهِ الْبَيْعَ بِلَا حَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ عَلَى الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ صُدِّقَا بِيَمِينِهِمَا أَنَّهُ وَقَعَ لِلْحَاجَةِ أَوْ الْمَصْلَحَةِ فَذَاكَ وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُدَّعِي بِيَمِينِهِ أَنَّ بَيْعَهُمَا وَقَعَ بِدُونِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ هَذَا مَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا سَوَاءٌ فِيهِ عَلَى الْأَوْجَهِ مَالُ التِّجَارَةِ وَغَيْرُهُ وَمَا يَجِبُ فِيهِ الْإِشْهَادُ كَالْبَيْعِ نَسِيئَةً وَغَيْرِهِ وَإِنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ جَمِيعِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَأَطَالَ فِيهِ بِمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي خَادِمه فَلْيَنْظُرْ مِنْهُ وَدَعْوَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَلِيّ كَهِيَ عَلَى