فَذَاكَ وَإِلَّا تَوَلَّى الْحَاكِمُ قِسْمَتَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ أَمَّا إذَا اخْتَلَّ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ فَقَدْ قَالُوا إذَا فَرَّقَ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ وَأَمْكَنَهُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ لِكَوْنِهِمْ مَحْصُورَيْنِ وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ أَوْ زَادُوا عَلَيْهَا وَوَفَّى بِهِمْ الْمَالُ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْحَصِرُوا بِأَنْ لَمْ يَسْهُلْ ضَبْطُهُمْ عَادَةً فَإِنَّ لَهُ الِاقْتِصَارَ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَا أَقَلَّ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ.
وَإِنْ تَفَاوَتَتْ حَاجَتُهُمْ لَا بَيْنَ آحَادِهِمْ فَلَهُ إعْطَاءُ بَعْضِ آحَادِ الصِّنْفِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ فَإِنْ أَعْطَى اثْنَيْنِ مِنْ صِنْفٍ دُونَ الثَّالِثِ غَرِمَ لَهُ الْأَقَلَّ الْمَذْكُورَ أَوْ وَاحِدًا فَقَطْ غَرِمَ لِكُلٍّ مِنْ الْآخَرِينَ الْأَقَلَّ الْمَذْكُورَ أَيْضًا أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ الثَّالِثُ فَيُعْطَى الْكُلُّ لِلِاثْنَيْنِ إنْ احْتَاجَاهُ وَلَا يُنْقَلُ بَاقِي السَّهْمِ إلَى غَيْرِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَحْتَاجُوهُ رُدَّ عَلَى الْبَاقِينَ إنْ احْتَاجُوهُ وَإِلَّا نُقِلَ إلَى غَيْرِهِمْ إذْ حِصَّةُ مَنْ فُقِدَ مِنْ الْأَصْنَافِ أَوْ مِنْ آحَادِ الصِّنْفِ بِمَحَلِّ الزَّكَاةِ وَالْفَاضِلُ عَنْ كِفَايَةِ بَعْضِهِمْ لِمَنْ بَقِيَ فَيُرَدُّ نَصِيبُ الصِّنْفِ كَالْفَاضِلِ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ، وَنَصِيبُ الْمَفْقُودِ مِنْ آحَادِ الصِّنْفِ عَلَى بَقِيَّةِ ذَلِكَ الصِّنْفِ وَلَا يُنْقَلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِمْ إنْ نَقَصَ نَصِيبُهُمْ مِنْ كِفَايَتِهِمْ أَوْ سَاوَاهُ وَإِلَّا نُقِلَ إلَى ذَلِكَ الصِّنْفِ.
أَمَّا لَوْ عَدِمُوا كُلُّهُمْ أَوْ فَضَلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ فَإِنَّ الْكُلَّ أَوْ الْفَاضِلَ يُنْقَلُ إلَى جِنْسِ مُسْتَحَقِّيهِ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَى بَلَدِ الزَّكَاةِ وَمَتَى كَانَ كُلُّ صِنْفٍ أَوْ بَعْضُ الْأَصْنَافِ مَحْصُورًا فِي ثَلَاثَةٍ فَأَقَلَّ لَا أَكْثَرَ اسْتَحَقُّوهَا فِي الْأُولَى وَمَا يَخُصُّ الْمَحْصُورِينَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَلَا يَضُرُّهُمْ حُدُوثُ غِنًى أَوْ غَيْبَةٍ أَوْ مَوْتٍ لِأَحَدِهِمْ بَلْ حَقُّهُمْ بَاقٍ بِحَالِهِ وَلَا يُشَارِكُهُ قَادِمٌ وَلَا غَائِبٌ عَنْهُمْ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَمَتَى زَادُوا عَنْ الثَّلَاثَةِ كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ اسْتِيعَابِهِمْ إنْ وَفَّى بِهِمْ الْمَالُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِهِ الْمِلْكُ لِأَنَّ الْمَدَارَ تَمَّ عَلَى السُّهُولَةِ عَادَةً وَهِيَ مَوْجُودَةٌ وَهُنَا عَلَى التَّحْدِيدِ بِالثَّلَاثَةِ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْجَمْعُ فِي الْآيَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ أَهْلِ نَاحِيَةٍ يُزَكُّونَ مَا يَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَرْعٍ قَبْلَ أَنْ يَكْمُلَ النِّصَابُ عَلَى ظَنِّ كَمَالِهِ مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَرْعٍ يَحْصُلُ إذَا حَصَلَ الْمَطَرُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الظَّنِّ فَهَلْ يَبْرَءُونَ بِهَذَا أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَحْتَاجُ إلَى مُقَدِّمَةٍ وَهِيَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ شَرْطَ جَوَازِ تَعْجِيلِ زَكَاةِ النَّبَاتِ أَنْ يَقَعَ بَعْدَ الصَّلَاحِ وَالِاشْتِدَادِ لَا قَبْلَهُمَا وَلَوْ بَعْدَ الْخُرُوجِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَوْلِ أَنْوَاعٌ: مِنْهَا زَكَاةُ النَّبَاتِ تَجِبُ بِاشْتِدَادِ الْحَبِّ وَالثِّمَارِ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ بَلْ هُوَ وَقْتُ ثُبُوتِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ بَعْدَ تَنْقِيَةِ الْحَبِّ وَتَجْفِيفِ الثِّمَارِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَالْإِخْرَاجُ بَعْدَ مَصِيرِ الرُّطَبِ تَمْرًا أَوْ الْعِنَبِ زَبِيبًا لَيْسَ تَعْجِيلًا بَلْ وَاجِبٌ حِينَئِذٍ وَلَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ قَبْلَ بُلُوغِ الثَّمَرَةِ بِلَا خِلَافٍ وَفِيمَا بَعْدَهُ أَوْجُهُ الصَّحِيحِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْحَابِ يَجُوزُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لَا قَبْلَهُ.
وَأَمَّا الزَّرْعُ فَالْإِخْرَاجُ عَنْهُ بَعْدَ التَّنْقِيَةِ وَاجِبٌ وَلَيْسَ تَعْجِيلًا وَلَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ قَبْلَ التَّسَنْبُلِ، وَانْعِقَادِ الْحَبِّ وَبَعْدَهُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الصَّحِيحُ جَوَازُهُ بَعْدَ الِاشْتِدَادِ وَالْإِدْرَاكِ وَمَنْعُهُ قَبْلَهُ انْتَهَتْ مُلَخَّصَةً وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ تَعْجِيلَ زَكَاةِ الْمُعَشَّرِ قَبْلَ الْوُجُوبِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إدْرَاكُ الثَّمَرَةِ وَانْعِقَادُ الْحَبِّ فَإِذَا عَجَّلَهُ قَبْلَهُ قَدَّمَهُ عَلَى سَبَبِهِ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ قَدَّمَ زَكَاةَ الْمَالِ عَلَى النِّصَابِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَجَّلَهُ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ نِصَابٍ مِنْهُ وَقَالُوا أَيْضًا لَا يُضَمُّ ثَمَرُ عَامٍ إلَى عَامٍ آخَرَ لِإِتْمَامِ النِّصَابِ وَإِنْ طَلَعَ قَبْلَ جُذَاذِ الْأَوَّلِ وَيُضَمُّ ثَمَرُ عَامٍ وَاحِدٍ وَإِنْ طَلَعَ الثَّانِي بَعْدَ جُذَاذِ الْأَوَّلِ وَاخْتَلَفَ قَدْرُ وَاجِبِهِمَا وَلَا زَرْعَ عَامٍ إلَى زَرْعِ آخَرَ وَيُضَمُّ زَرْعَا عَامٍ كَالذُّرَةِ إنْ وَقَعَ حَصَادُهُمَا فِي سَنَةٍ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً وَإِلَّا فَلَا ضَمَّ سَوَاءٌ كَانَ زَرْعُ الثَّانِي بَعْدَ حَصْدِ الْأَوَّلِ وَفِي عَامِهِ أَمْ لَا.
وَلَوْ زُرِعَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّوَاصُلِ الْمُعْتَادِ فَأَدْرَكَ أَحَدُهُمَا وَالثَّانِي بَقْلٌ ضُمَّ مُطْلَقًا فَلَوْ تَوَاصَلَ بَذْرُ الزَّرْعِ عَادَةً فَهُوَ زَرْعٌ وَاحِدٌ وَإِنْ تَمَادَى شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَاصَلَ ضُمَّ مَا حُصِدَ مِنْهُ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا