عَدَمَ الْوُجُوبِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَنَّهُ يَمُرُّ فِي هَذِهِ أَوْ يَسْقِي مِنْ هَذِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ نَحْوِهِ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَر أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ اسْتَحَقَّهَا وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِلْكِي وَرِثْتُهَا مِنْ أَبِي وَلَمْ يَجِدْ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً فَهَلْ يَكْفِي قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَنَّهَا مِلْكُهُ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِذَا ادَّعَى أَنَّ مُوَرِّثَك بَاعَنِي هَذَا الْمَوْضِعَ أَوْ وَهَبَنِيهِ فَهَلْ يَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى الْبَتِّ أَمْ عَلَى النَّفْيِ حَيْثُ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى الْمَيِّتِ أَوْضِحُوا لَنَا الْجَوَابَ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ أَسْتَحِقُّ الْعَيْنَ إجَارَةً أَوْ نَحْوَهُ لَمْ يَكْفِ فِي جَوَابِهِ أَنَّهَا مِلْكِهِ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الدَّعْوَى وَإِنْ قَالَ أَسْتَحِقُّهَا مِلْكًا كَفَاهُ فِي الْجَوَابِ ذَلِكَ وَإِنْ أَطْلَقَ اسْتَفْصَلَ عَنْ سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ وَلَمْ يُقْنَعْ مِنْهُ بِإِطْلَاقِ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ بَيَانَاتٍ يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا فَوَجَبَ تَعْيِينُ الْمُرَادِ مِنْهَا وَالْوَارِثُ مُخَيَّرٌ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَر أَنَّكَ أَقْرَرْتَ أَنَّ لَيْسَ لِي عِنْدَكَ شَيْءٌ أَوْ أَنَّكَ صَالَحْتنِي عَلَى كَذَا أَوْ أَنَّك بِعْتَنِي ذَا بِكَذَا أَوْ أَنَّك أَقْرَرْتَ أَنَّ لِي عِنْدَكَ كَذَا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعْتُكَ مُكْرَهًا أَوْ صَالَحْتُكَ مُكْرَهًا وَنَحْو ذَلِكَ مِمَّا فِي السُّؤَالِ وَأَقَامَ عَلَى الْإِكْرَاهِ بَيِّنَةً فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكَّمِ أَنْ يَسْتَفْصِلَ الشُّهُودَ عَلَى الْإِكْرَاهِ وَهَلْ عَلَى الشُّهُودِ أَنْ يُبَيِّنُوا الْإِكْرَاهَ أَوْ لَا يَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ وَلَا عَلَى الْحَاكِمِ أَوْ عَلَى الْمُحَكَّمِ أَنْ يَفْصِلَ وَحَيْثُ كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ مِنْهُمْ مَنْ يَعْرِفُ حَدَّ الْإِكْرَاهِ وَأَكْثَرهمْ لَا يَعْرِفُ حَدَّ الْإِكْرَاهِ فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بِهِ مُجْمَلَةً؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ لَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ بِالْإِكْرَاهِ مِنْ التَّفْصِيلِ سَوَاءٌ أَكَانَ الشَّاهِدُ مِنْ بَلَدٍ يَعْرِفُونَ حَدَّ الْإِكْرَاهِ أَمْ لَا لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي ضَابِطِهِ فَوَجَبَ بَيَانُ الْوَاقِعِ مِنْهُ لِلْحَاكِمِ حَتَّى يَنْظُرُ فِيهِ هَلْ هُوَ مُطَابِقٌ لِلْإِكْرَاهِ شَرْعًا أَمْ لَا بَلْ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى هُنَا بِالْإِطْلَاقِ وَلَوْ مِنْ الْفَقِيهِ الْمُوَافِقِ لِمَا أَشَرْتُ إلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ اخْتِلَافِ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي حَدِّهِ وَاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ صَغِيرَةٍ مَاتَ أَبُوهَا وَعُمْرُهَا نَحْوُ سِتِّ سِنِينَ فَرَفَعَ رَجُلٌ أَمْرَهَا إلَى قَاضٍ حَنَفِيٍّ فَزَوَّجَهُ بِهَا مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ كُفْءٍ لَهَا ثُمَّ أَثْبَتَ آخَرُ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهُ بِهَا بَيْنَ يَدَيْ قَاضٍ حَنَفِيٍّ فَأَبْطَلَ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ ثُمَّ ادَّعَى صَاحِبُهُ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهُ بِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ الثَّانِي فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلهَا عَنْ الْقَفَّالِ وَأَقَرَّاهُ بَلْ صَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ قَالَ لِلْوَلِيِّ زَوِّجْنِيهَا كَانَ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ وَصَرِيحًا فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ لِلْقَاضِي بَعْد مَوْتِ أَبِي الصَّغِيرَةِ زَوِّجْهَا لِي يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ بِزَوَالِ نِكَاحِهِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ كُفْئًا لَهَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَبُولُهُ التَّزْوِيجَ الثَّانِي مِنْ الْقَاضِي فَفِي الْأَنْوَارِ لَوْ تَزَوَّجَ بِمُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا بَعْد إمْكَانِ التَّحْلِيلِ ثُمَّ مَاتَ وَادَّعَى وَارِثُهُ أَنَّهَا لَمْ تَتَحَلَّلْ فَلَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهُ فَلَا تَرِثَ مِنْهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ لِأَنَّ إقْدَامَ مُوَرِّثِهِ عَلَى التَّزَوُّجِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِوُقُوعِ التَّحْلِيلِ. اهـ. فَكَذَلِكَ إقْدَامُ هَذَا عَلَى النِّكَاحِ الثَّانِي إقْرَارٌ مِنْهُ بِرَفْعِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَدَّ بِهِ مِنْ الْعُقُودِ الثَّلَاثَةِ هُوَ الثَّانِي وَأَمَّا الثَّالِثُ فَبَاطِلٌ لِسَبْقِ الثَّانِي لَهُ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَبِالْإِقْدَامِ عَلَى الثَّالِثِ وَسُؤَالُ الْقَاضِي الَّذِي هُوَ الْمُوَلَّى فِيهِ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِقْرَارِ بِرَفْعِهِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِالْعَقْدِ الثَّانِي وَحْدَهُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَر إنِّي أَوْدَعْتُكَ عَشَرَةَ دَرَاهِم مَثَلًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ تَلِفَتْ وَلَمْ يَذْكُر شَيْئًا فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلهُ عَنْ السَّبَبِ أَمْ لَا يَجِبُ بَلْ يَقْتَصِرُ فِي دَعْوَاهُ عَلَى التَّلَفِ وَقَدْ اخْتَلَفَ مُفْتِيَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا يَكْفِي إطْلَاقُ الدَّعْوَى بِالتَّلَفِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ الثَّانِي لَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ فِي الدَّعْوَى عَلَى التَّلَفِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ سَبَبِ التَّلَفِ حَتَّى يَنْظُرَ الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُودَعُ لَا يَعْرِفُ مَا يَضْمَن بِهِ مِنْ السَّبَبِ وَمَا لَا يَضْمَنُ فَمَا هُوَ الصَّوَابُ عِنْدكُمْ مِنْ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015