تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا لَفْظُهُ ذَكَرُوا أَنَّ الْقَهْوَةَ إذَا أُدِيرَتْ عَلَى هَيْئَةِ الْخَمْرِ بِعَادَةِ الشَّرَبَةِ حُرِّمَتْ نَبَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْيَمَنِيِّينَ هَلَّا يُقَالُ يُكْرَه ذَلِكَ كَمَا كَرِهَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ تَسْمِيَتُهَا قَهْوَة لِأَنَّهُ مِنْ أَسْمَاء الْخَمْرِ وَمَا هَيْئَةُ إدَارَةِ الْخَمْرِ الَّتِي يَعْتَادُهَا الشَّرَبَةُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ لِيُجْتَنَبَ ذَلِكَ حَرِّرُوا لَنَا كَيْفِيَّة إدَارَةِ الْخَمْرِ.

(فَأَجَابَ) مَا ذَكَرُوهُ صَحِيحٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي إدَارَةِ السَّكَنْجَبِينِ وَغَيْرِهِ وَكَيْفِيَّةُ تِلْكَ الْإِدَارَةِ عَلَى مَا يَتَعَارَفُهَا النَّاسُ الْيَوْم لَمْ يَتَحَرَّرْ عِنْدنَا لِأَنَّا سَأَلْنَا مَنْ شَرِبُوهَا وَتَابُوا مِنْهَا فَاخْتَلَفَ وَصْفُهُمْ لِتِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَقَالِيمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِقَدَحٍ وَاحِدٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَكُونُ غَالِبًا إلَّا مَعَ نَحْوِ رَيَاحِين وَمَأْكَلٍ مَخْصُوصٍ وَغِنَاءٍ مَخْصُوصٍ وَآلَةٍ مُطْرِبَةٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ سَاقٍ مَخْصُوصٍ وَكَيْفِيَّةٍ لِوَضْعِ إنَائِهَا الَّذِي يُفْرَغُ مِنْهُ فِي كَأْسِهَا.

وَقَدْ أَشَارَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إلَى بَعْضِ ذَلِكَ حَيْثُ قَالُوا إنَّهَا تَكُونُ بِأَقْدَاحٍ مَعَ كَلِمَاتٍ يَتَعَارَفُهَا الشَّرَبَةُ بَيْنَهُمْ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ} [الطور: 23] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ بِخِلَافِ خَمْرِ الدُّنْيَا أَيْ فَإِنَّهُمْ يَدِيرُونَ فِيهَا الْكَأْسَ عَلَى غَايَةٍ مِنْ اللَّغْوِ وَالْإِثْمِ بِالْكَلِمَاتِ الْقَبِيحَةِ الْمُتَعَارَفَة بَيْنَهُمْ فَإِذَا أُدِيرَتْ الْقَهْوَةُ الْحَادِثَةُ الْآن كَهَيْئَةِ إدَارَةِ الْخَمْرِ حُرِّمَتْ إدَارَتُهَا وَإِلَّا فَلَا أَمَّا شُرْبُهَا فَهُوَ جَائِزٌ بِشَرْطِهِ سَوَاءٌ أُدِيرَتْ أَمْ لَا فَتِلْكَ الْكَيْفِيَّةُ الَّتِي لِلْخَمْرِ لَيْسَتْ مُحَرِّمَةً لِأَصْلِ الشُّرْبِ وَإِنَّمَا هِيَ مُحَرِّمَةٌ لِتِلْكَ الْأَفْعَالِ الْمُحَاكِيَةِ لِأَفْعَالِ شَرَبَة الْخَمْرِ وَلَيْسَ مُطْلَقُ الْإِدَارَةِ حَرَامًا اتِّفَاقًا فَقَدْ أُدِيرَ اللَّبَنُ فِي حَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَصْحَابِهِ فِي مَسْجِدِهِ الشَّرِيفِ وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا قَهْوَة فَهُوَ لَا يَقْتَضِي تَحْرِيمًا مُطْلَقًا لِأَنَّ الْأَسَامِيَ لَا تَقْتَضِي تَشْبِيهًا وَتِلْكَ الْإِدَارَةُ إنَّمَا حُرِّمَتْ لِاسْتِلْزَامِهَا التَّشْبِيهَ بِالْعُصَاةِ، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ إخْبَارِ الرَّجُلِ بِطَلَاقِ فُلَانٍ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ تَوْكِيلِهِ هَلْ يُقْبَلُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَهَلْ يُقْبَلُ الْكِتَابُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الشَّهَادَةِ إذَا عُرِفَ أَنَّهُ خَطُّ الْمُرْسِلِ أَمْ لَا وَهَلْ يُكْتَفَى فِي غَيْرِ الْقَاضِي بِذَلِكَ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَجُوزُ لِمَنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِذَلِكَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِهِ فَقَدْ قَالُوا لَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ امْرَأَةً بِمَوْتِ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقِهِ جَازَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْن اللَّهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى وَكَذَا خَطُّهُ الْمَوْثُوقُ بِهِ إذَا حَفَّتْهُ قَرَائِنُ بِأَنَّهُ قَصَدَ مَدْلُولَ تِلْكَ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يَغْلِبُ ظَنَّ صِدْقِ الْإِمَارَةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ الْغَيْرِ أَوْ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَاكِمِ فَلَا يَجُوزُ اعْتِمَادُ عَدْلٍ وَلَا خَطٍّ وَلَا غَيْرِهِمَا مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ عَامِّيٍّ شَهِدَ عَلَى مِثْلِهِ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانٍ الْمُدَّعِي كَذَا مِنْ الدَّنَانِيرِ فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الشَّاهِدَ الْمَذْكُورَ لَا يَعْرِفُ أَرْكَانَ الصَّلَاةِ فَهَلْ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا يَكُونُ ذَلِكَ قَدْحًا فِي شَهَادَتِهِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ جَمِيعَ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فَرْضٌ أَوْ الْبَعْضَ فَرْضٌ وَالْبَعْضَ نَفْلٌ لَكِنَّهُ لَمْ يَعْتَقِدْ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ النَّفْلِيَّةَ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ يُكْتَفَى فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْعَامِّيِّ بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ نَقَلَ عَنْ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ السُّيُوطِيِّ رَحِمه اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ أَوْرَدَ حَدِيثًا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ لَاعِبَ الشِّطْرَنْجِ مَلْعُونٌ وَأَنَّ النَّاظِرَ إلَيْهِ كَآكِلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ فَهَلْ النَّاقِلُ لِذَلِكَ مُصِيبٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ بِقَوْلِهِ نَعَمْ نَقَلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ شَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى سَعْيَهُ فِي جَامِعِهِ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ «مَلْعُونٌ مَنْ لَعِبَ الشِّطْرَنْجَ وَالنَّاظِرُ إلَيْهِ كَآكِلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ» وَذَكَرْتُ فِي كِتَابِي كَفُّ الرَّعَاعِ عَنْ مُحَرَّمَاتِ اللَّهْوِ وَالسَّمَاعِ أَحَادِيثَ أُخَرَ فِي ذَلِكَ مِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ نَظْرَةً إلَى خَلْقِهِ يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الشَّاهِ فِيهَا نَصِيبٌ» وَصَاحِبُ الشَّاهِ هُوَ لَاعِبُ الشِّطْرَنْجِ وَمِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015