وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الصَّبِيِّ إذَا صَلَّى أَوَّلَ الْوَقْتِ، ثُمَّ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ الصَّلَاةِ، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِالْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ قَبْلَهُ قَدْ أَسْقَطَتْ الْفَرْضَ، فَكَذَلِكَ هُنَا، هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ الْفَرْضُ بِالْفِعْلِ فَلَأَنْ يَسْقُطَ بِالْغُرُوبِ أَوْلَى اهـ.
وَمَا رَجَّحَهُ فِي الْخَادِمِ مُتَّجِهٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ أَيْضًا بِأَنَّ الَّذِي وَجَبَ فِي الصَّوْمِ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ الْإِمْسَاكِ مُوَافَقَةً لِأَهْلِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَلَيْسَ بِصَوْمٍ حَقِيقِيٍّ، وَمِثْلُ هَذَا الْإِمْسَاكِ قَدْ عُهِدَ وُجُوبُهُ فِي الصَّوْمِ فِي نَحْوِ مَنْ أَصْبَحَ وَقَدْ نَسِيَ النِّيَّةَ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِيهَا مِثْلُ ذَلِكَ.
(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَمَّنْ وُلِدَ أَصَمَّ أَعْمَى أَخْرَسَ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: صَرَّحَ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ؛ كَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مُوَافِقٌ لِمَا عَلَيْهِ أَئِمَّتُنَا وَغَيْرُهُمْ؛ أَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بَعْدَ عِلْمٍ فَحَيْثُ انْتَفَى عَنْ هَذَا الْعِلْمُ بِالشَّرْعِ مِنْ أَصْلِهِ، فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَلْ نَصَّ أَحَدٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلَ الْإِقَامَةِ
(فَأَجَابَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ - بِقَوْلِهِ: لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِنَدْبِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَوَّلَ الْإِقَامَةِ، وَإِنَّمَا الَّذِي ذَكَرَهُ أَئِمَّتُنَا أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ عَقِبَ الْإِقَامَةِ كَالْأَذَانِ، ثُمَّ بَعْدَهُمَا: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ. .. إلَخْ، وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: مَنْ قَالَ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ؛ فَإِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك، وَأَبْلِغْهُ دَرَجَةَ الْوَسِيلَةِ فِي الْجَنَّةِ، دَخَلَ فِي شَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ نَالَتْهُ شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ وَالنُّمَيْرِيُّ وَعَنْ يُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَمْ يَقُلْ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ الْمُسْتَجْمِعَةِ الْمُسْتَجَابِ لَهَا، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَزَوِّجْنَا مِنْ الْحُورِ الْعِينِ، قُلْنَ الْحُورُ الْعِينُ: مَا كَانَ أَزْهَدَك فِينَا. رَوَاهُ الدِّينَوَرِيُّ فِي الْمُجَالَسَةِ وَالنُّمَيْرِيُّ. وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ جَمَاعَةٍ مُقِيمِينَ بِبَعْضِ الْقُرَى يُقِيمُونَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِمَسْجِدِهَا، وَيُؤَذِّنُ بَعْضُهُمْ قُبَيْلَ الْفَجْرِ بِسَاعَةٍ مَثَلًا، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْأَذَانَ يَجُوزُ فِي الْوَقْتِ الْمَعْرُوفِ مِنْ اللَّيْلِ، فَهَلْ يُجْزِئُ - أَيْ: ذَلِكَ الْأَذَانُ الثَّانِي - عِنْدَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ
وَإِذَا أَذَّنَ أَحَدُ الْجَمَاعَةِ فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ هَلْ تَحْصُلُ لَهُ الْفَضِيلَةُ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ - مَعَ أَنَّهُمْ لَوْ سَمِعُوهُ مَا حَضَرَ أَحَدٌ غَيْرُ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا قُبَيْلَ الصُّبْحِ -
؟ وَإِذَا أَذَّنَ فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْجَمَاعَةِ يُجْزِيه أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ؛ كَمَا وَرَدَ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَهَلْ تَحْصُلُ الْفَضِيلَةُ لِلْأَوَّلِ وَالْآخِرِ جَمِيعًا أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) - فَسَحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - بِقَوْلِهِ: يُجْزِيه الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَذَانِ الَّذِي قَبْلَ الْفَجْرِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُؤَذِّنَ مَرَّتَيْنِ؛ مَرَّةً قَبْلَ الْفَجْرِ، وَمَرَّةً بَعْدَهُ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ. وَإِذَا أَذَّنَ فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ؛ فَإِنْ كَانَ نِيَّتُهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْمُقِيمِينَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَطْ كَفَاهُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ فِي الْأُولَى وَإِسْمَاعُ الْحَاضِرِينَ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يُؤَذِّنُ لِأَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي مَحَلٍّ مُرْتَفِعٍ بِصَوْتٍ عَالٍ بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْأَذَانَ مَنْ أَصْغَى إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، سَوَاءٌ كَانُوا لَوْ سَمِعُوهُ لَحَضَرُوا أَمْ لَا. وَاَلَّذِي وَرَدَ عَنْ بِلَالٍ وَغَيْرِهِ مِنْ مُؤَذِّنِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ الْأَذَانَ لِإِسْمَاعِ النَّاسِ كَانَ يُؤَذِّنُ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ. وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ - عَمَّا لَوْ سَمِعَ بَعْضَ الْأَذَانِ هَلْ يُجِيبُ فِيهِ فِيهِ أَوْ لَا؟ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ؛ فَإِذَا سَمِعَ مِنْ آخِرِهِ فَهَلْ يُجِيبُ فِيهِ ثُمَّ يُعِيدُ جَوَابَ مَا مَضَى، ثُمَّ يَدْعُو، أَوْ يَبْتَدِئُ الْجَوَابَ مِنْ أَوَّلِهِ حَتَّى يُتِمَّهُ، ثُمَّ يَدْعُوَ؟ وَكَيْفَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ
وَإِذَا سَمِعَ الْمُتَوَضِّئُ الْأَذَانَ فَهَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِجَابَةُ حِينَئِذٍ، أَوْ لَا
وَإِنْ قُلْتُمْ: لَا فَهَلْ عَلَى الْقَوْلِ بِاسْتِحْبَابِ دُعَاءِ الْأَعْضَاءِ، أَوْ لَا وَهَلْ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْنُونَةٌ قَبْلَ الْأَذَانِ كَمَا هِيَ بَعْدَهُ، أَوْ لَا وَهَلْ الْإِقَامَةُ كَالْأَذَانِ فِي سَنِّهَا، أَوْ لَا وَهَلْ يُسَنُّ أَنْ يُقَالَ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْأَذَانِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ لَا وَهَلْ يُنْهَى عَنْهُ وَعَنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -