عَنْ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَجِيبٌ مَعَ سَعَةِ اطِّلَاعِهِ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ كَمَا عَلِمْت مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْأَصْحَاب رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ هِيَ فِي الْمُخْتَصَرَاتِ أَيْضًا كَالتَّنْبِيهِ وَعِبَارَته بَابُ مَا يَلْحَقُ مِنْ النَّسَبِ وَمَا لَا يَلْحَق وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِاللِّعَانِ وَفَسَّرَ شُرَّاحَهُ ابْن الرِّفْعَةِ وَابْن النَّقِيبِ وَغَيْرُهُمَا زَمَنَ الْإِمْكَانِ بِمَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ وِلَادَتُهُ لِأَقَلّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَالزَّوْجُ مِمَّنْ يُحْبِلُ وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بِالزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ أَيْ وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ وِلَادَته لِأَقَلّ مِدَّةِ الْحَمْلِ وَالزَّوْجُ مِمَّنْ يُحْبِلُ وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بِالزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ أَيْ وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ اسْتِدْخَالِهَا مَنِيّه لِنُدْرَةِ الْحَبَلِ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ أَعْنِي التَّنْبِيهَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ أَيْ بِأَنْ تُوجَدَ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ تَجِدُهُ صَرِيحًا فِيمَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي اللُّحُوقِ بِالْفِرَاشِ مِنْ تَحَقُّقِ الْإِمْكَانِ الْمَذْكُورِ وَيَلْزَمُ عَلَى بَحْثِ السَّيِّدِ الْمَذْكُورِ فِي السُّؤَالِ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَشَكَّ فِي إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِ بِهَا، أَوْ لَا أَوْ فِي أَنَّهُ مَمْسُوحٌ، أَوْ لَا أَوْ فِي أَنَّهَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلّ مُدَّةِ الْحَمْلِ، أَوْ لَا، أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ آخِر اجْتِمَاعِهِ مَعَهَا، أَوْ لَا أَوْ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِهَذَا الشَّكِّ وَأَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِهِ مَعَ ذَلِكَ الشَّكِّ وَكَلَامُهُمْ طَافِحٌ بِمُخَالَفَةِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ جَمِيعِ ذَلِكَ لَمَا عَرَفْت أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الشُّرُوطَ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا بِالْمَعْنَى السَّابِقِ حَتَّى يُوجَدَ الْمَشْرُوطُ وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ لِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا عَدَمُ الْمَشْرُوطِ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ الْخِلَاف الْمَشْهُور بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي أَنَّ مَنْ نَكَحَ وَطَلَّقَ ثُمَّ أَتَتْ زَوْجَتُهُ بِوَلَدٍ فَعِنْدَنَا لَا نُلْحِقُهُ إلَّا إنْ تَحَقَّقْنَا تَخَلُّل زَمَنٌ بَيْنَ الْعَقْدِ
وَالطَّلَاقِ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُ بِالزَّوْجَةِ فِيهِ عَادَةً وَعِنْدَهُ يَلْحَقُ النَّسَبُ وَإِنْ طَلَّقَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَهِيَ بِالْمَشْرِقِ وَهُوَ بِالْمَغْرِبِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَأْخَذَ مَا قَدَّمْته عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ مُضِيِّ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ عَلَى الْفِرَاشِ مَعَ تَحَقُّقِ الشُّرُوطِ الْأُخَر الْبَاقِيَة فَإِنْ قُلْت مَا قَرَّرْته مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الْإِمْكَانِ ظَاهِر فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ، أَوْ نَحْوُهُ مَوْجُودًا وَتَنَازَعَ مَعَ الزَّوْجَةِ، أَوْ نَحْوِهَا وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْأَصْحَابِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا أَمَّا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَنَحْوُهُ مَثَلًا ثُمَّ رَأَيْنَا زَوْجَتَهُ وَلَدَتْ عَلَى فِرَاشِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ بِكَوْنِهِ وَلَدًا لَهُ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ عَنْ وُجُودِ تِلْكَ الشُّرُوطِ أَوَّلًا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ مِنْ الْفِرَاشِ وَهُوَ الْإِلْحَاقُ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِذَلِكَ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ بَحْثُ السَّيِّدِ السَّابِقِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَوَازِ نِسْبَتِهِ وَانْتِسَابِهِ إلَى مَنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْعَارِ بِضَيَاعِ نَسَبِهِ وَلِأُمِّهِ عَنْ الْعَارِ بِرَمْيِهَا بِالزِّنَا وَنَحْوِهِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ نَازَعَهُ فِي انْتِسَابِهِ إلَى ذِي الْفِرَاشِ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ بَيِّنَةٍ وَلَوْ أَرْبَعَ نِسْوَة فِيمَا يُقْبَلْنَ فِيهِ تَشْهَدُ بِوُجُودِ جَمِيعِ تِلْكَ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، أَوْ فِيمَا نُوزِعَ فِيهِ مِنْهَا حَتَّى يَنْدَفِعُ النِّزَاعُ فِيهِ الْمُعْتَضِدُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ أُبُوَّةِ ذِي الْفِرَاشِ لَهُ حَتَّى تَتَحَقَّقُ مُقْتَضَيَاتُ الْإِلْحَاقِ وَيُوَافِقُ مَا قَدَّمْته أَوَّلًا أَيْضًا قَوْل ابْنِ الْوَكِيلِ وَأَقَرُّوهُ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ إلَّا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ.
وَقَدْ يُظَنُّ أَنَّ هَذَا لَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ شَيْءٌ وَهُوَ خَطَأٌ فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَلَدِ الْكَامِلِ أَمَّا النَّاقِص كَأَنَّ جُنِيَ عَلَى حَامِلٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ أَبَوَيْهِ وَتَكُونُ الْغُرَّةُ لَهُمَا وَكَذَا لَوْ أَجْهَضَتْهُ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ كَانَتْ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ وَكَفَنِهِ عَلَى أَبِيهِ وَإِنَّمَا يَتَقَيَّدُ بِالسِّتَّةِ أَشْهُرٍ الْوَلَدُ الْكَامِلُ دُونَ النَّاقِصِ فَتَأَمَّلْ هَذَا تَجِدْهُ أَيْضًا مُوَافِقًا لَمَا قَدَّمْته عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْأَصْحَابِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ مُضِيِّ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ قَبْل الْوِلَادَةِ عَلَى الْفِرَاشِ وَيُوَافِقُ ذَلِكَ أَيْضًا أَطْبَاقُهُمْ فِي أَنَّ مَنْ اسْتَلْحَقَ مَجْهُولًا بِأَنْ قَالَ هَذَا ابْنِي لَا يَلْحَقُهُ إلَّا إنْ تَحَقَّقَ إمْكَانُ كَوْنِهِ مِنْهُ فَلَوْ شَكَكْنَا فِي ذَلِكَ لَمْ نُلْحِقْهُ بِهِ فَكَذَا هُنَا لِأَنَّ غَايَةَ الْفِرَاشِ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ هَذَا وَلَدِي فَإِنْ قُلْت قَدْ يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: فِي أَنَّ الْوِلَادَةَ لِدُونِ زَمَنِ الْإِمْكَانِ جَعْلُهُمْ الْقَوْلَ قَوْلَ الزَّوْجَةِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ حَيْثُ قَالُوا لَوْ اخْتَلَفَتْ الْبَائِنُ وَالزَّوْجُ فِي وَقْتِ الْوَضْعِ فَقَالَتْ وَضَعْت الْيَوْمَ وَطَالَبْته بِنَفَقَةِ شُهُورٍ وَقَالَ بَلْ وَضَعْت مِنْ شَهْرٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِوَقْتِ