فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فِي هَذَا الْيَوْمِ ثُمَّ قَالَ إنَّ نِكَاحِي كَانَ فَاسِدًا وَأُرِيدُ أَنْ أُكْمِلَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ ثُمَّ أَعْقِدُ نِكَاحًا صَحِيحًا فَكَلَّمَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي فَسَادِ نِكَاحِهِ وَأَيْضًا ذَكَرَ الْإِمَام تَقِيُّ الدِّينِ بْنِ الصَّلَاح أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ امْرَأَةً ثَلَاثًا ثُمَّ ادَّعَى أَنِّي لَمْ أَكُنْ نَكَحْتهَا قَبْل الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ذَكَرَهُ عَنْهُ الْإِمَام الْأَذْرَعِيُّ فِي الدَّعَاوَى مِنْ شَرْح الْمِنْهَاجِ وَذَكَرَ أَيْضًا نَحْو مَا سَبَقَ عَنْ الدَّبِيلِيِّ (الْأَمْرُ الثَّالِثُ) أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ بَائِنٌ ثُمَّ قَالَ بَعْد مُدَّةٍ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَالَ أَرَدْت بِالْبَائِنِ الطَّلَاقَ.
فَلَمْ تَقَعْ الثَّلَاثُ لِمُصَادَفَتِهَا الْبَيْنُونَةَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ كَذَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى سَبْقَ لِسَانِهِ إلَى لَفْظِ الطَّلَاقِ وَأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهُ أَنَّهُ لَا يَسَعُ امْرَأَتَهُ أَنْ تَقْبَلَ مِنْهُ ذَلِكَ (الْأَمْرُ الرَّابِعُ) أَنَّ الْقَاضِي جَمَالَ الدِّينِ بْنِ ظَهِيرَةَ سُئِلَ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ خَالَعَهَا قَبْل ذَلِكَ وَأَرَادَ دَفْعَ الثَّلَاثِ بِالْخُلْعِ وَوَافَقَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُمَا الْخُلْعَ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا تُقْبَلَانِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ فَأَجَابَ فَقَالَ نُقِلَ فِي الرَّوْضَةَ فِي أَوَاخِرِ الطَّلَاقِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ كُنْت حَرَّمْتُهَا عَلَى نَفْسِي قَبْلَ هَذَا فَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ. اهـ.
قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ (الْأَمْرُ الْخَامِسُ) أَنَّ الشَّيْخَ نُورَ الدِّينِ السَّمْهُودِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ كُنْت وَكَّلْت فُلَانًا بِطَلَاقِهَا وَكُنْتُ عَوَّلْتُ طَلَاقِهَا عَلَى فُلَانٍ إلَّا وَلَّيْتهَا فُلَانًا فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ فَقَالَ ذَكَر فِي الْعَزِيزِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ كُنْت حَرَّمْتهَا قَبْلَ هَذَا فَلَمْ يَقَعْ الثَّلَاثُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَهُوَ شَامِلٌ لِدَعْوَى سَبْقِ التَّحْرِيمِ بِوَاسِطَةِ وَكِيلِهِ فِيهِ بِخُلْعٍ وَنَحْوِهِ مَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْن أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ وَلِيّهَا كَانَ قَدْ وُكِّلَ بِتَزْوِيجِهَا مِنْهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسمِائَةِ وَلَمْ يُزَوِّجْهَا الْوَكِيل إلَّا بِأَلْفٍ فَالْعَقْدُ لَمْ يَنْعَقِدْ.
فَالطَّلَاقُ لَمْ يَقَعْ وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ وَحُكِمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي الْخَادِم وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى بُطْلَانِ النِّكَاحِ لِلْمُخَالَفَةِ فِي الصَّدَاقِ قَالَ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا بَلْ يَطَّرِدُ فِي كُلِّ صُورَةٍ ادَّعَيَا فِيهَا الْفَسَادَ قَبْل الطَّلَاقِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
جَوَابُ الشَّيْخِ السَّمْهُودِيّ (الْأَمْرُ السَّادِسُ) أَنَّ الشَّيْخَ الْإِمَامَ نُورَ الدِّين ابْن نَاصِرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا بَعْد أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنِّي كُنْت طَلَّقْتهَا طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ قَبْل أَنْ تَضَعَ الْحَمْلَ فَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالْوَضْعِ قَبْل أَنْ أُرَاجِعَهَا فَهَلْ تَعُودُ إلَيْهِ قَبْل زَوْجٍ آخَرَ أَمْ لَا تَعُودُ إلَيْهِ إلَّا بَعْد زَوْجٍ آخَرَ.
فَأَجَابَ فَقَالَ الْأَصْلُ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبْل الْوَضْعِ فَتَبِينُ بَعْدَهُ فَلَا تَعُودُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَعِدَّتَيْنِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
(الْأَمْرُ السَّابِعُ) أَنَّهُ لَوْ قُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي دَعْوَاهُ تَعْلِيقَ الدَّوْرِ عَلَى زَوْجَتِهِ قَبْل الطَّلَاقِ لَفُتِحَ هَذَا الْبَابُ وَلَوْ فُتِحَ لَادُّعِيَ كُلُّ مُطَلِّقٌ ثَلَاثًا أَرَادَ دَفْعَ الْعَارِ عَنْهُ بِتَحْلِيلِ زَوْجَتِهِ ثُمَّ تَجْدِيدَ نِكَاحِهَا إذْ يَدَّعِي ذَلِكَ فَيَظْهَرُ الْفَسَادُ بِذَلِكَ لَا سِيَّمَا أَنَّ الشَّيْخَيْنِ ذَكَرَا أَنَّ الرُّويَانِيّ قَالَ بَعْد اخْتِيَارِهِ تَصْحِيحَ الْأَوَّلِ لَا وَجْهَ لِتَعْلِيمِ الْعَوَامّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَة) قَوْلُهُ فِي الْبَهْجَةِ لَوْ ضِعْفُ عِشْرِينَ لِعَقْدِ الْجُمُعَةِ كَيْفَ صُورَةُ ذَلِكَ وَمَا بَيَانُهُ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) قَوْلُهُمْ فِي الْفَرَائِضِ الْإِدْلَاءُ كَيْفَ صِفَته وَمَا مَعْنَاهُ (الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) إذَا وَجَدْنَا مَسْأَلَةً فِيهَا نَصٌّ لِلشَّافِعِيِّ لَكِنْ الشَّيْخَانِ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ كَالْمَسْأَلَةِ السُّرَيْجِيَّة وَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اعْتِرَاضِ صَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ بِالنَّصِّ عَلَى الشَّيْخَيْنِ فَهَلْ نَأْخُذُ بِالنَّصِّ وَنَتْرُكُ مَا عَدَاهُ أَمْ نَأْخُذُ بِقَوْلِ الشَّيْخَيْنِ لَأَنَّهُمَا عُمْدَةُ الْمَذْهَبِ (الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) إذَا ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى أَحَدٍ أَنِّي أَسْتَحِقُّ هَذِهِ الْعَيْنَ الَّتِي تَحْتَ يَدِك فَقَالَ الْمَالِكُ مِلْكِي وَرِثْته عَنْ أَبِي أَوْ قَالَ مِلْكِي وَلَمْ نَجِدْ بَيِّنَةً مَعَ الْمُدَّعِي
فَهَلْ قَوْلُ الْمَالِك يَكْفِي فِي الْيَمِينِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ نَفْيِ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ بَيِّنُوا لَنَا ذَلِكَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى