وبصرا ويدا ومؤيدا وَالْحَاصِل أَن الْعلمَاء بِاللَّه عز وَجل هم الواقفون مَعَ الله فِي الْعُلُوم والأعمال والمقامات وَالْأَحْوَال والأقوال وَالْأَفْعَال وَسَائِر الحركات والسكنات والإرادات والخطرات ومعادن الْأَسْرَار ومطالع الْأَنْوَار والعارفون المحبون المحبوبون المقربون رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم ونفع بهم إِذا تقرر ذَلِك علم مِنْهُ الْجَواب عَن جَمِيع مَا فِي السُّؤَال وَهُوَ الْفرق بَين خطاب النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وخطاب الْوَلِيّ فَالْأول بِوَاسِطَة الْملك أَو لَا بِوَاسِطَة أَو بالرؤيا الصادقة أَو بالنفث فِي الروع وكل ذَلِك يُسمى وَحيا وكلاما ينْسب إِلَى الله حَقِيقَة وَمن أنكر مَا علم من الدّين بِالضَّرُورَةِ كفر وَالثَّانِي شَيْء يلقى فِي الْقلب يثلج لَهُ الصَّدْر وَهُوَ الْمُسَمّى حَدِيثا وإلهاما لقَوْله - صلى الله عليه وسلم - فِي الحَدِيث أَن فِي أمتِي 2 محدثون بِفَتْح الدَّال ملهمون وَمِنْهُم عمر وَاخْتلف الْعلمَاء فِي حجية الإلهام بقيده السَّابِق فالأرجح عِنْد الْفُقَهَاء أَنه لَيْسَ بِحجَّة إِذْ لَا ثِقَة بخواطر غير الْمَعْصُوم وَعند الصُّوفِيَّة أَنه حجَّة مِمَّن حفظه الله فِي سَائِر أَعماله الظَّاهِرَة والباطنة والأولياء وَإِن لم يكن لَهُم الْعِصْمَة لجَوَاز وُقُوع الذَّنب مِنْهُم وَلَا يُنَافِيهِ الْولَايَة وَمن ثمَّ قيل للجنيد أيزني الْوَلِيّ فَقَالَ وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا لَكِن لَهُم الْحِفْظ فَلَا تقع مِنْهُم كَبِيرَة وَلَا صَغِيرَة غَالِبا وعَلى القَوْل بحجته فَهُوَ ينْسب إِلَى الله تَعَالَى بِمَعْنى أَنه الْملقى لَهُ فِي الْقلب كَرَامَة لذَلِك الْوَلِيّ وإنعاما عَلَيْهِ بِمَا يكون سَببا لمزيد لَهُ أَو صَلَاح لغيره (وَسُئِلَ) نفع الله بِهِ مَا عدَّة رجال الْغَيْب وَمَا الدَّلِيل على وجودهم (فَأجَاب) بقوله رجال الْغَيْب سموا بذلك لعدم معرفَة أَكثر النَّاس لَهُم رَأْسهمْ قطب الْغَوْث الْفَرد الْجَامِع جعله الله دائرا فِي الْآفَاق الْأَرْبَعَة أَرْكَان الدُّنْيَا كدوران الْفلك فِي أفق السَّمَاء وَقد ستر الله أَحْوَاله عَن الْخَاصَّة والعامة غيرَة عَلَيْهِ غير أَنه يرى عَالما كجاهل وأبله كفطن وتاركا آخِذا قَرِيبا بَعيدا سهلا عسرا أمنا حذرا ومكانته من الْأَوْلِيَاء كالنقطة من الدائرة الَّتِي هِيَ مركزها بِهِ يَقع صَلَاح الْعَالم والأوتاد وهم أَرْبَعَة لَا يطلع عَلَيْهِم إِلَّا الْخَاصَّة وَاحِد بِالْيمن وَوَاحِد بِالشَّام وَوَاحِد بالمشرق وَوَاحِد بالمغرب والأبدال وهم سَبْعَة على الْأَصَح وَقيل ثَلَاثُونَ وَقيل أَرْبَعَة عشر كَذَا قَالَه اليافعي وَسَيَأْتِي حَدِيث أَنهم أَرْبَعُونَ وَحَدِيث أَنهم ثَلَاثُونَ وكل مِنْهُمَا يُعَكر على قَوْله وَالأَصَح أَنهم سَبْعَة والنقباء وهم أَرْبَعُونَ والنجباء وهم ثلثمِائة فَإِذا مَاتَ القطب أبدل بِخِيَار الْأَرْبَعَة أَو أحد الْأَرْبَعَة أبدل بِخِيَار السَّبْعَة أَو أحد السَّبْعَة أبدل بِخِيَار الْأَرْبَعين أَو أحد الْأَرْبَعين أبدل بِخِيَار الثلاثمائة أَو أحد الثلمائة أبدل بِخَير الصَّالِحين فَإِذا أَرَادَ الله قيام السَّاعَة أماتهم أَجْمَعِينَ وَذَلِكَ أَن الله يدْفع عَن عباده الْبلَاء بهم وَينزل بهم قطر السَّمَاء وروى بَعضهم عَن الْخضر أَنه قَالَ ثلثمِائة هم الْأَوْلِيَاء وَسَبْعُونَ هم النجباء وَأَرْبَعُونَ هم أوتاد الأَرْض وَعشرَة هم النُّقَبَاء وَسَبْعَة هم العرفاء وَثَلَاثَة هم المختارون وَوَاحِد هُوَ الْغَوْث وَجَاء عَن على كرم الله وَجهه أَنه قَالَ الأبدال بِالشَّام والنجباء بِمصْر والعصائب بالعراق والنقباء بخراسان والأوتاد بِسَائِر الأَرْض وَالْخضر عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام سيد الْقَوْم وَفِي حَدِيث الإِمَام الرَّافِعِيّ أَنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِن الله فِي الأَرْض ثلثمِائة قُلُوبهم على قلب آدم وَله أَرْبَعُونَ قُلُوبهم على قلب مُوسَى وَله سَبْعَة قُلُوبهم على قلب إِبْرَاهِيم وَله خَمْسَة قُلُوبهم على قلب جِبْرِيل وَله ثَلَاثَة قُلُوبهم على قلب مِيكَائِيل وَوَاحِد قلبه على قلب إسْرَافيل فَإِذا مَاتَ الْوَاحِد أبدل الله مَكَانَهُ من الثَّلَاثَة وَإِذا مَاتَ من الثَّلَاثَة أبدل الله مَكَانَهُ من الْخَمْسَة وَإِذا مَاتَ من الْخَمْسَة أبدل الله مَكَانَهُ من السَّبْعَة وَإِذا مَاتَ من السَّبْعَة أبدل الله مَكَانَهُ من الْأَرْبَعين وَإِذا مَاتَ من الْأَرْبَعين أبدل الله مَكَانَهُ من الثلاثمائة وَإِذا مَاتَ من الثلثمائة أبدل الله مَكَانَهُ من الْعَامَّة يدْفع الله بهم الْبلَاء عَن هَذِه الْأمة قَالَ اليافعي رَضِي الله عَنهُ قَالَ بعض العارفين وَالْوَاحد الْمَذْكُور فِي هَذَا الحَدِيث هُوَ القطب وَهُوَ الْغَوْث قَالَ بَعضهم لم يذكر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قلبه فِي جملَة الْأَنْبِيَاء وَالْمَلَائِكَة لِأَنَّهُ لم يخلق الله فِي عَالم الْخلق وَالْأَمر أعز وألطف وأشرف من قلبه - صلى الله عليه وسلم - فقلوب الْمَلَائِكَة والأنبياء والأولياء بِالْإِضَافَة إِلَى قلبه كإضافة سَائِر الْكَوَاكِب إِلَى الشَّمْس وَلَقَد سَمِعت النَّجْم الْأَصْبَهَانِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خلف مقَام إِبْرَاهِيم الْخَلِيل - صلى الله عليه وسلم - يذكر أَن الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَهُ الله عز وَجل أَن يقبضهُ عِنْدَمَا يرفع الْقُرْآن وَالظَّاهِر وَالله أعلم أَن القطب سَائِر الْأَوْلِيَاء الْمَعْدُودين وَغَيرهم من الْمَوْجُودين فِي ذَلِك الْوَقْت يطْلبُونَ الْمَوْت أَيْضا حِينَئِذٍ إِذْ لَيْسَ بعد رفع الْقُرْآن