على الْأَنْبِيَاء ومتبعيهم أَن لَا يكفروا بِاللَّه وَلَا بِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَن ينصروه ويعظموه كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ} [آل عمرَان: 80] الْآيَة. الْخَامِس: إِيمَانهم بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبرسالته قبل بَعثه، وَهَذَا قريب مِمَّا قبله إِن لم يكن عينه. السَّادِس: مَا جعله فِي عُقُولهمْ من الْحجَّة على توحيده وَصدق رَسُوله مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالنّظرِ فِي المعجزات الدَّالَّة على إعجاز الْقُرْآن وَصدقه ونبوّة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. السَّابِع: الْأَمَانَة المعروضة على السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال الَّتِي حملهَا الْإِنْسَان. الثَّامِن: مَا أَخذه الله عَلَيْهِم من أَن لَا يسفكوا دِمَاءَهُمْ وَلَا يخرجُوا أنفسهم من دِيَارهمْ. التَّاسِع: الْإِيمَان والتزام الشَّرَائِع. الْعَاشِر: نصب الْأَدِلَّة على وحدانيته فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَسَائِر الْمَخْلُوقَات فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْعَهْد. الْحَادِي عشر: مَا عَهده إِلَى من أُوتِيَ الْكتاب أَن يبينوا نبوّة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يكتموا أمره. وَاخْتلف الْمُفَسِّرُونَ أَيْضا فِي العهدين الْمَذْكُورين فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [الْبَقَرَة: 40] على أَقْوَال: أَحدهَا: عَهده وميثاقه الَّذِي أَخذه عَلَيْهِم من الْإِيمَان بِهِ والتصديق برسله وَعَهْدهمْ مَا وعدهم بِهِ من الْجنَّة. ثَانِيهَا: عَهده مَا أَمرهم بِهِ وَعَهْدهمْ مَا وعدهم بِهِ. ثَالِثهَا: عَهده مَا ذكره لَهُم فِي التَّوْرَاة من صفة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَهْدهمْ مَا وعدهم بِهِ من الْجنَّة. رَابِعهَا: عَهده أَدَاء الْفَرَائِض وَعَهْدهمْ قبُولهَا والمجازاة عَلَيْهَا. خَامِسهَا: عَهده ترك الْكَبَائِر وَعَهْدهمْ غفران الصَّغَائِر. سادسها: عَهده إصْلَاح الدّين وَعَهْدهمْ إصْلَاح آخرتهم. سابعها: عَهده مجاهدة النُّفُوس وَعَهْدهمْ الْإِعَانَة على ذَلِك. ثامنها: عَهده إصْلَاح السرائر وَعَهْدهمْ إصْلَاح الظَّوَاهِر. تاسعها: {خُذُواْ مَآءَاتَيْنَاكُم} [الْبَقَرَة: 63] . عَاشرهَا: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ} [آل عمرَان: 187] . حادي عشرهَا: عَهده الْإِخْلَاص فِي الْعِبَادَات وَعَهْدهمْ إيصالهم إِلَى منَازِل الرغبات. ثَانِي عشرهَا: عَهده الْإِيمَان بِهِ وطاعته وَعَهْدهمْ مَا وعدهم عَلَيْهِ من حسن الثَّوَاب على الْحَسَنَات. ثَالِث عشرهَا: عَهده حفظ آدَاب الظَّوَاهِر وَعَهْدهمْ حفظ السرائر. رَابِع عشرهَا: عهد الله على لِسَان مُوسَى لبني إِسْرَائِيل إِنِّي باعث من بني إِسْمَاعِيل نَبيا فَمن تبعه وَصدق بِالنورِ الَّذِي يَأْتِي بِهِ غفرت لَهُ وأدخلته الْجنَّة وَجعلت لَهُ أَجْرَيْنِ اثْنَيْنِ. خَامِس عشرهَا: عَهده بِشُرُوط الْعُبُودِيَّة وَعَهْدهمْ بِشَرْط الربوبية. سادس عشرهَا: أَوْفوا بعدِي فِي دَار محنتي على بِسَاط خدمتي بِحِفْظ حرمتي أوف بعهدكم فِي دَار نعمتي على بِسَاط كَرَامَتِي بِقَوْلِي ورؤيتي. سَابِع عشرهَا: لَا تفرّوا من الزَّحْف أدخلكم الْجنَّة. ثامن عشرهَا: عَهده {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَاءِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَىْ عَشَرَ نَقِيباً} [الْمَائِدَة: 12] الْآيَة، وَعَهْدهمْ إدخالهم الْجنَّة. تَاسِع عشرهَا: أوامره ونواهيه ووصاياه فَيدْخل فِي ذَلِك ذكر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي فِي التَّوْرَاة. عشروها: أَوْفوا بعهدي فِي التَّوَكُّل أوف بعهدكم فِي كِفَايَة الْمُهِمَّات. حادي عشريها: أَوْفوا بعهدي فِي حفظ حدودي ظَاهرا وَبَاطنا أوف بعهدكم بِحِفْظ أسراركم عَن مُشَاهدَة غَيْرِي. ثَانِي عشريها: عَهده حفظ الْمعرفَة وعهدنا إِيصَال الْمعرفَة. ثَالِث عشريها: أَوْفوا بعهدي الَّذِي قبلتم يَوْم الْمِيثَاق أوف بعهدكم الَّذِي ضمنت لكم يَوْم التلاق. رَابِع عشريها: اكتفوا مني بِي أوف بعهدكم أَرض عَنْكُم بكم. فَهَذِهِ أقاويل السّلف فِي تَفْسِير هذَيْن العهدين. قَالَ فِي (الْبَحْر) بعد ذكره ذَلِك: وَالَّذِي يظْهر وَالله أعلم أنَّ الْمَعْنى طلب الْإِيفَاء بِمَا التزموه لله تَعَالَى وترتب إنجاز مَا وعدهم على ذَلِك الْإِيفَاء وَلَيْسَ ذَلِك على سَبِيل الْعلية، وسمى مَا وعدهم بِهِ عهدا على سَبِيل الْمُقَابلَة بل إبراز لما تفضل بِهِ تَعَالَى عَلَيْهِم فِي صُورَة الْمَشْرُوط الملزم بِهِ. وَاخْتلف الْمُفَسِّرُونَ أَيْضا فِي الْمِيثَاق فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} [الْبَقَرَة: 63] الْآيَة، على سِتَّة أَقْوَال: مَا أودعهُ الله تَعَالَى الْعُقُول من الدَّلَائِل على وجوده وَقدرته وحكمته وَصدق أنبيائه وَرُسُله أَو الْمَأْخُوذ على ذُرِّيَّة آدم فِي قَوْله: {أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى} [الْأَعْرَاف: 172] أَو إِلْزَام النَّاس مُتَابعَة الْأَنْبِيَاء وَالْإِيمَان بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَو الْعَهْد مِنْهُم ليعملن بِمَا فِي التَّوْرَاة فَلَمَّا جَاءَ مُوسَى رَأَوْا مَا فِيهَا من التثقيل فامتنعوا من أَخذهَا، أَو قَوْله لَا تَعْبدُونَ إِلَّا الله، فَعلم بِمَا تقرر أَن كلا من الْمِيثَاق والعهد قد يُطلق على الآخر، وَأَن كلا مِنْهُمَا لَهُ معَان يسْتَعْمل فِيهَا بِحَسب مَا يَلِيق بِهِ من ذَلِك السِّيَاق وَأَنه لَا يتَقَيَّد بِمَعْنى مَخْصُوص مطرد بل كل مَا لَاق من مَعَانِيه مِمَّا سبق لَهُ جَازَ عَلَيْهِ. 25 وسئلت: مَا حَقِيقَة التملق وَمَا حكمه؟