أَن الْجَواب الَّذِي أجابوا بِهِ عَن إِفْرَاد نَحْو الشَّافِعِي يُجَاب بِهِ عَن إِفْرَاد الروَاة. وَالْحَاصِل أَن قَول الْعلمَاء بِالْكَرَاهَةِ إِجْمَاع مِنْهُم عَلَيْهَا، وَالْإِجْمَاع لَا يُدْفع وَلَا يخصَّص بالأمور المحتملة فَلْيتَأَمَّل ذَلِك فَإِنَّهُ مهمّ.

94 - وَسُئِلَ نفع الله بِعُلُومِهِ: عَن الْجمع بَين الرِّوَايَات فِي حَدِيث قَول سُلَيْمَان صلى الله على نَبينَا وَعَلِيهِ وَسلم (لأطوفنّ اللَّيْلَة على سبعين امْرَأَة) الحَدِيث؟ فَأجَاب بقوله: مُحَصل الرِّوَايَات فِي ذَلِك سِتُّونَ وَسَبْعُونَ وتسع وَسَبْعُونَ وَتسْعُونَ وَمِائَة، وَجمع بَينهمَا بِأَن السِّتين كنّ حرائر وَمَا زَاد عَلَيْهِم كن سراري أَو بِالْعَكْسِ، أَو السّبْعين للْمُبَالَغَة وَالتسْعين وَإِنَّمَا كنّ دون الْمِائَة وَفَوق السّبْعين، فَمن قَالَ تسعين ألغى الْكسر، وَمن قَالَ مائَة جبره وَفِيه نظر. فَفِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: (أَنه كَانَ لَهُ أَرْبَعمِائَة امْرَأَة وسِتمِائَة سَرِيَّة فَقَالَ يَوْمًا لأطوفن اللَّيْلَة على ألف امْرَأَة) الحَدِيث، فَالْأولى الْجمع بِأَنَّهُ قَالَ ذَلِك مَرَّات مُتعَدِّدَة اقْتصر فِي كل مِنْهَا على من كنّ مَعَه حينئذٍ، وَلَا يبعد أَنه قَالَ ذَلِك متكرراً وَنسي قَول إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَلَا يلدْن لَهُ من ذكر.

95 - وَسُئِلَ نفع الله بِعُلُومِهِ: مَا الْأَفْضَل لَا إِلَه إِلَّا الله أَو الْحَمد لله رب الْعَالمين؟ فَأجَاب بقوله: ظَاهر كَلَام الْأَئِمَّة وصريحه أَن الأول أفضل، وَاسْتدلَّ لَهُ بِخَبَر. (أفضل الذّكر لَا إِلَه إِلَّا الله وَأفضل الدُّعَاء الْحَمد لله) دلّ بمنطوقه على أنّ كلا من الْكَلِمَتَيْنِ أفضل نَوعه وبمفهومه على أَن الأولى أفضل لِأَن نوع الذّكر أفضل من نوع الدُّعَاء، وبالخبر الضَّعِيف (التَّوْحِيد ثمن الْجنَّة وَالْحَمْد ثمن كل نعْمَة) لِأَن الْجنَّة أفضل من جَمِيع النعم الدُّنْيَوِيَّة فَيكون ثمنهَا أفضل. فَإِن قلت: ورد (أَن لَا إِلَه إِلَّا الله بِعشر حَسَنَات وَالْحَمْد لله بِثَلَاثِينَ حَسَنَة) . قلت: قد يكون فِي الْمَفْضُول مزية لَيست فِي الْفَاضِل. فَإِن قلت: مَحل ذَلِك فِي غير زِيَادَة الثَّوَاب وَأما هِيَ فصريحة فِي التَّفْضِيل؟ قلت: إِنَّمَا تكون صَرِيحَة إِن صَحَّ سندها من غير معَارض.

96 - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: (أول مَا خلق الله الْقَلَم) هَل ورد؟ فَأجَاب: نعم ورد بل صَحَّ من طرق، وَفِي رِوَايَة (أَن الله خلق الْعَرْش فَاسْتَوَى عَلَيْهِ أَي اسْتِوَاء يَلِيق بِجلَال ذَاته ثمَّ خلق الْقَلَم فَأمره أَن يجْرِي بِإِذْنِهِ، فَقَالَ: يَا رب بِمَ أجْرى؟ قَالَ: بِمَا أَنا خَالق وكائن فِي خلقي من قطر أَو نَبَات أَو نفس أَو أثر أَو رزق أَو أجل فَجرى الْقَلَم بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) ورجالها ثِقَات إِلَّا الضَّحَّاك بن مُزَاحم فوثقه ابْن حبَان وَقَالَ: لم يسمع من ابْن عَبَّاس وَضَعفه جمَاعَة: وَجَاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَأَن أول شَيْء خلقه الله الْقَلَم فَأمره أَن يكْتب كل شَيْء. وَرِجَاله ثِقَات، وَفِي رِوَايَة لِابْنِ عَسَاكِر مَرْفُوعَة: (إِن أول شَيْء خلقه الله الْقَلَم ثمَّ خلق النُّون وَهِي الدواة ثمَّ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ مَا يكون أَو مَا هُوَ كَائِن) الحَدِيث. وروى ابْن جرير أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [الْقَلَم: 1] قَالَ لوح من نور وقلم من نور يجْرِي بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.

97 - وَسُئِلَ رَضِي الله عَنهُ عَن الْأَحَادِيث الشائعة: (لآيَة من كتاب الله خير من مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد، وأحبوا الْبَنِينَ فَإِن الْبَنَات يُحبِّبن فِي أَنْفسهنَّ، وَأَنا جدُّ كل تَقِيّ. من جلس فَوق عَالم بِغَيْر إِذْنه فَكَأَنَّمَا جلس على الْمُصحف. من بشَّ فِي وَجه ذِمِّي فَكَأَنَّمَا لكزني فِي جَنْبي، اطلع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْمِعْرَاج على النَّار فَرَأى فِيهَا رجلا عَلَيْهِ حلل خُضْر وَيروح عَلَيْهِ بمراوح، فَقَالَ يَا جِبْرِيل من هَذَا؟ قَالَ حَاتِم الطَّائِي، إِن شَجَرَة كَانَت فِي بُسْتَان فَقطعت نِصْفَيْنِ فَجعل مِنْهَا نصف فِي الْقبْلَة وَالْآخر فِي مرحاض، فَشَكا إِلَى ربه فَأوحى إِلَيْهِ إِن لم تَنْتَهِ لأجعلنك فِي مجْلِس قَاض لَا يعرف الشَّرْع إيش هُوَ مَا الَّذِي يخفى، قَالَ مَا لَا يكون إِن آدم والطبقة الأولى من أَوْلَاده كَانُوا سِتِّينَ ذِرَاعا وَالثَّانيَِة أَرْبَعِينَ وَالثَّالِثَة عشْرين وَالرَّابِعَة سَبْعَة أَذْرع) . فَأجَاب بقوله: قَالَ الْحَافِظ الْجلَال السُّيُوطِيّ فِي الأول: لم أَقف عَلَيْهِ، وَفِي الثَّانِي: هَذَا لَا يعرف وَلم أَقف عَلَيْهِ فِي شَيْء من كتب الحَدِيث، وَفِي الثَّالِث: لَا أعرفهُ، وَفِي الرَّابِع وَالْخَامِس: لَا أصل لَهما، وَفِي السَّادِس وَالسَّابِع وَالثَّامِن: بَاطِلَة، وَفِي التَّاسِع: هَذَا الْعدَد الْمَخْصُوص فِي (الطَّبَقَات) لم يرد، وَإِنَّمَا ورد (أَن طول آدم سِتُّونَ ذِرَاعا وَإِن من بعده تناقص وَلم يزل النَّاس يتناقصون) . 98 وَسُئِلَ: رَضِي الله عَنهُ عَن حَدِيث: (الْخلق عِيَال الله وأحبهم إِلَيْهِ أنفعهم لِعِيَالِهِ) هَل ورد؟ فَأجَاب: نعم ورد من طرق كَثِيرَة، لَكِنَّهَا ضَعِيفَة، وَلَفظ بَعْضهَا (الْخلق كلهم عِيَال الله وَتَحْت كنفه فَأحب الْخلق إِلَى الله من أحسن لِعِيَالِهِ وَأبْغض الْخلق إِلَى الله من ضيَّق على عِيَاله) .

99 - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: عَن حَدِيث: (كَمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015