الفاضل (صفحة 93)

يشيع الغنى إن ناله وكأنّما ... يلاقى به البأساء عيسى بن مريما

أخاف الهوى حتى تجنّبه الهوى ... كما اجتنب الجانى الدم الطالب الدما

وأكثر ما تلقاه فى القوم صامتا ... وإن قال بدّ القائلين فأفحما

وقال آخر «1» :

إنى ليمنعنى من ظلم ذى رحم ... لبّ أصيل وحلم غير ذى وصم

إن لآن لنت وإن دبّت عقاربه ... ملأت كفّيه من عفو ومن كرم

ويروى أن الأحنف كان حليما وقورا عالما فقيها، وكانت الملوك ترجع إلى رأيه وتعمل بقوله، وذكروا أن ختنا «2» له أراد أن يستفز حلمه فقال: ملأتنا ابنتك البارحة من دمائها، فقال: نعم إنها من نسوة يخبأن ذلك لأزواجهنّ، فقال: إنى حملت على نفسى البارحة فى جماعها، فقال: ما زوّجناك إلّا لذلك. وكان يقول «3» :

ما نازعنى أحد إلا أخذت عليه بإحدى ثلاث: إن كان فوقى عرفت له قدره، وإن كان دونى رفعت نفسى عنه، وإن كان مثلى تفضّلت عليه. ويروى «4» أن معاوية قال له: يا أحنف، أأنت صاحبنا يوم صفّين، والمخذول «5» عن أمير المؤمنين؟

فقال الأحنف: والله يا معاوية إن القلوب التى أبغضناك بها يومئذ لفى صدورنا، وإنّ سيوفنا التى قاتلناك بها لعلى عواتقنا، ولئن دنوت إلينا شبرا من خير لندنونّ إليك ذراعا من عذر «6» ، ولئن شئت ليصفونّ لك ودّنا بفضل حلمك عنّا. قال:

قد شئت. وروى زبير عن رجاله قال: دخلت «7» على معاوية موجدة على يزيد، فأرق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015