ويروى أنه كان يقول: إذا لم يكن الملك حليما استفزّه الشىء اليسير الذى يندم عليه، وإذا لم يكن شجاعا لم يخفه عدوّه، وإذا كان شحيحا لم يكن له خاصة ولا مناصح، وإذا لم يكن صدوقا لم يطمع فى رأيه.
وحدثنى العتبىّ قال: قيل لمعاوية: ما النّبل؟ قال: مؤاخاة الأكفاء، ومداجاة الأعداء، فقيل له: ما المروءة؟ قال: الحلم عند الغضب، والعفو عند القدرة.
ويروى أنه لما ورد عليه خبر علىّ بن أبى طالب، صلوات الله عليه صعد المنبر فقال: الحمد لله الذى أدالنا من عدوّنا، وردّ إلينا من زماننا، فقام اليه رجل من أهل الشام، فقال: ما ذاك من كرامتك على الله يا معاوية، فقال له عمرو بن العاص: اسكت يا جاهل، فو الله لأنت أنذل أهل الشام وأقطعهم عن الكلام، فتمثّل معاوية:
إنى أرى الحلم محمودا مغبّته ... والجهل أفنى من الأقوام أقواما
ونظر يوما إلى يزيد ابنه يضرب غلاما له، فقال: يا يزيد، أتضرب من لا يمتنع منك! والله لقد حالت القدرة بينى وبين أولى التّرات.
ويروى من ناحية زبير قال: حدّثنى مبارك الطبرى قال: سمعت أبا عبيد الله «1» يقول: سمعت المنصور يقول للمهدىّ: يا أبا عبد الله، الخليفة لا يصلحه إلّا التقوى، والسلطان لا يصلحه إلّا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلّا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلا «2» من ظلم من هو دونه، وأنشد:
وأحلام «3» عاد لا يخاف جليسهم ... إذا نطق العوراء غرب لسان «4»
إذا حدّثوا لم يخش سوء استماعهم ... وإن حدّثوا أدّوا بحسن بيان