وكان الخضاب يستحبّ. وقد خضب أبو عبد الله الحسين بن علىّ صلوات الله عليهما. ويروى أنّ قائلا قال للرضىّ: أأخضب؟ قال: نعم، بالحنّاء والخطر «1» ، ثم قال: أما علمت أن لك فى ذلك أجرا؟ قال: وكيف؟ قال: ألا تعلم أنها تحبّ أن ترى منك مثل الذى تحبّ أن ترى منها؟ لقد خرج نساء من العفّة ما أخرجهن إلّا قلّة هيئة أزواجهن لهن. قال وأنشد:
الشيب زهّد فيك من تصل ... ولقد جفا بك بعده الغزل
ولذاك ما قالت لجارتها ... هيهات شيّخ بعدنا الرجل
قولى له يختار بى بدلا ... من حيث شاء فلى به بدل
وقال آخر «2» :
رأين الغوانى الشيب لاح بعارضى ... فأعرضن عنّى بالحدود النواضر
وكنّ إذا أبصرننى [أ] وسمعن بى ... سعين فرقّعن الكوى بالمحاجر «3»
وقال محمد «4» بن عبد الملك الزيات يشتكى مصابه ويذكر فجيعته ويبكى على زمانه:
عريت من الشباب وكنت غضّا ... كما يعرى من الورق القضيب
ونحت على الشباب بدمع عينى ... فما نفع البكاء ولا النحيب
فيا أسفا أسفت على شباب ... نفاه «5» الشيب والرأس الخضيب
ألا ليت الشباب يعود يوما ... فأخبره بما فعل المشيب