فقال: ليس الأمر كما تظنّ، فجاءه الخادم بخمسمائة دينار، فصبّها فى كمّه وقال له:
اخرج آمنا. ومن بالباب يتوقعون أن يخرج رأسه، فسألوه عن حاله فقال: وهب لى الأمير ألف دينار: خمسمائة دينار ديتى وخمسمائة فى كمّى.
وهذه رسالة نذكرها، فإنا استحسنّا ألفاظها، واستغر بنا معانيها، ووقفنا على إبلاغ عظاتها، وهى رسالة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر من الحبس إلى أبى مسلم «1» :
بسم الله الرحمن الرحيم من الأسير فى يديه، بغير ذنب إليه، ولا خلاف عليه. أما بعد، فإنك مستودع ودائع، ومولى صنائع، فاذكر القصاص، واطلب الخلاص، وأنبه للفكر قلبك، واتق الله ربك، وآثر ما يلقاك غدا على ما لا يلقاك أبدا، فإنك لاق ما سلّفت، غير لاق ما خلّفت، وفّقك الله لما ينجيك، وآتاك شكر ما يوليك.
فخلى سبيل إخوته. ومات عبد الله فى السجن، فعاقب الله أبا مسلم ببغيه وأسلمه بغدره، وأتاح له من قتله.
ويروى أن المنصور بعد قتله أبا مسلم خطب فقال بعد حمد الله والثناء عليه:
أيّها الناس، لا تخرجوا من أنس الطاعة إلى وحشة المعصية، ولا تسرّوا غش الأئمّة، فإنه من غشّ إمامه أظهر الله سريرته فى فلتات لسانه، وسقطات أفعاله، إنا [لن] «2» نبخسكم حقكم، ولا نبخس الدين حقه عليكم، وأنه من نازعنا عروة هذا