يا أمين الله إنّى قائل ... قول ذى رأى ودين وحسب
لكم الفضل علينا ولنا ... بكم الفضل على كلّ العرب
من يقل غير مقالى فلقد ... ضلّ فى الحكم ضلالا وكذب
عبد شمس كان يتلو هاشما ... وهما بعد لأمّ ولأب
فالقرابات شديد عقدها ... عقدها أوثق من عقد الكرب
قال الرشيد: إى والله! وأمر له بجائزة، فقبضها وخرج. قال يحيى: فخرجت خلفه لأعطيه أنا أيضا فلم ألحقه.
ويروى أنّ حفصا الأموىّ- وكان هجّاء لبنى هاشم مطنبا فى ذكر مثالبهم- لم يشعر به عبد الله بن علىّ بن العباس «1» إلا هو واقف على رأسه وهو لا يعرفه، فقال له: من الرجل؟ قال: حفص الأموىّ، قال: أأنت الذى لم تزل مطنبا فى هجاء بنى هاشم وثلبهم؟ فقال: ليس كل ما بلغك أيها الأمير حقا، ولكنى الذى أقول:
وكانت أميّة فى ملكها ... تجور وتكثر عدوانها
فلما رأى الله أن قد طغت ... ولم يطق الناس طغيانها
رماها بسفّاح آل الرسول ... فجدّ بكفّيه أعيانها
فقال له: اجلس، فجلس، ثم دعا عبد الله بالطعام فتغدّى معه، ثم نظر إلى عبد الله وهو يسارّ خادما له، فخاف على نفسه، فقال: أيها الأمير، إنى قد تحرّمت بطعامك