فى كل يوم ثلاث حوائج- فقال: نعم كلّ حاجة لك مقضيّة ما خلا ابن هبيرة، فقال: ما عوّدنى أمير المؤمنين أن يستثنى علىّ، فلم يزل به حتى أجابه. وقدم خالد بن عبد الله فأمر مسلمة بتلقّيه، وكان فيمن تلقّاه ابن هبيرة، فقال خالد: يابن هبيرة أإباق كإباق الأمة! فقال ابن هبيرة: أنوم كنوم العبد! وفى ذلك يقول الفرزدق «1» :
ولما رأيت الأرض قد سدّ ظهرها ... ولم يبق إلّا بطنها لك مخرجا
دعوت الذى ناداه يونس بعد ما ... ثوى فى ثلاث مظلمات ففرّجا
خرجت ولم يمنن عليك طلاقة ... سوى ربذ التقريب من آل أعوجا «2»
فأصبحت تحت الأرض قد سرت سيرة ... وما سار سار مثلها حين أدلجا
فقال ابن هبيرة: ما رأيت أكرم من الفرزدق، هجانى أميرا ومدحنى أسيرا.
حدّثنى الرّياشىّ عن الأصمعىّ قال: قلت لعيسى بن عمر: أنا أفصح من معدّ بن عدنان، قال لى: تجاوزت، فأنا أفصح منك، فقلت له: كيف ينشد هذا البيت «3» :
قد كنّ يكنّن الوجوه تستّرا ... فالآن حين بدأن للنّظّار
أو بدين؟ فقال لى: بدأن، فقلت له: لم تصب، لأنه يقال بدا يبدو، وبدأ الشىء يبدؤه إذا أنشأه واستأنفه، والصواب «حين بدون» .