فلمّا مات الفرزدق رؤى فى المنام فقيل: ما صنع بك ربّك؟ فقال: غفر لى، فقيل:
بماذا؟ قال: بالكلمة التى نازعنيها الحسن على شفير القبر. ويروى «1» أن أبا هريرة قال له: إنى أرى لك قدمين لطيفين فانظر أن تجعل لهما موضعا لطيفا يوم القيامة، ومهما صنعت من شىء فلا تقنط من رحمة الله.
وحدّثنى الرياشىّ قال: هجا الفرزدق ابن هبيرة لما ولّى فقال:
أمير «2» المؤمنين وأنت برّ ... بذاك ولست بالطّبع الحريص «3»
أأطعمت العراق ورافديه ... فزاريا أحدّ يد القميص
ولم يك قبلها راعى مخاض ... ليأمنه «4» على وركى قلوص
تفيهق فى العراق أبو المثنّى ... وعلّم قومه أكل الخبيص «5»
فبينما ابن هبيرة قاعد ينظر وجهه فى المرآة قالت له الجارية: أصلح الله الأمير، قد قدم أمير آخر، فقال: لا إله إلا الله، هكذا تقوم الساعة، وكان القادم خالد بن عبد الله القسرىّ، فأراد خالد أن يعذّب ابن هبيرة، فقال ابن هبيرة: أنشدك الله أن تستنّ فىّ سنّة هى تستنّ فيك غدا، إن القوم الذين ولوك هم القوم الذين عزلونى، فقال:
لا حاجة لى فى عذابك، فحبسه. وكان لابن هبيرة مولى من الدّهاة، فنقب من داره إلى حبس ابن هبيرة، وهرب به إلى مسلمة بن عبد الملك، فاستجار به، فدخل مسلمة على أخيه يزيد أو هشام، فقال: يا أمير المؤمنين إن لى حاجة- وكانت تقضى