الفاخر (صفحة 86)

جاراً للمنذر بن ماء السماء، وأن أبا دؤاد نازع رجلاً بالحيرة من بهراء يقال له رَقَبة بن عامر بن كعب بن عمرو، فقال له رقبة: صالحني وحالفني. قال أبو دؤاد: فمِنْ أين تعيش إياد إذاً، فوالله لولا ما تُصيب من بهراء لهَلَكَت. ثم افترقا على تلك الحال. وأن أبا دُؤاد أخرج بنين له ثلاثة في تجارة إلى الشام، فبلغ ذلك رقبة البهراني فبعث إلى قومه فأخبرهم بما قال له أبو دُؤاد عند المنذر، وأخبرهم أن القوم ولدُ أبي دُؤاد. فخرجوا إلى الشام فلقوهم فقتلوهم وبعثوا برؤوسهم إلى رقبة، فلما أتته الرؤوس صنع طعاماً كثيراً ثم أتى المنذر فقال: قد اصطنعت لك طعاماً فأنا أحب أن تتغدى عندي، فأتاه المنذر وأبو دُؤاد معه. قال: فبينا الجفان تُرفع وتوضع إذ جاءته جفنة عليها أحد رؤوس بني أبي دُؤاد. قال: فقال أبو دُؤاد: أبيت اللعن إني جارك وقد ترى ما صُنع بي! وكان رَقَبة جاراً للمنذر. قال فوقع المنذر منهما في سوْءة. وأمر برقبة فحبسه، وقال لأبي دُؤاد: ما يُرضيك؟ قال: أن تبعث بكتيبتك الشهباء والدوسر إليهم. فقال المنذر: قد فعلت فوجّه إليهم بالكتيبتين. فلما رأى رقبةُ ذلك من صنيع المنذر قال لامرأته: ويحك الحَقي بقومك فأنذريهم. فعمدت إلى بعض إبل البهراني فركبته، ثم خرجت حتى أتت قومها فتعرّت ثم قالت: أنا النذير العريان. فأرسلتها مثلاً. وعرف القوم ما تُريد فصعدوا إلى عُليا الشآم. وأقبلت الكتيبتان فلم تُصيبا منهم أحداً. فقال المنذر لأبي دُؤاد: قد رأيت ما كان منهم، أفيُسكِتُك عني أن أعطيك بكل رأسٍ مائتي بعير؟ قال: نعم. فأعطاه ذلك. وفيه يقول قيس بن زهير العبسي:

سأَفْعَل مابَدا لي ثم آوي ... إلى جارٍ كجارِ أبي دُؤاد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015