إِنَّك لو غَطِّيْتَ أرْجَاءَ هُوَّةٍ ... مُغَمَّسةً لا يُسْتبان تُرابُها
بِثَوْبِك في الظَّلْماءِ ثم دَعَوْتَني ... لجِئْتُ إليها سادِراً لا أهابُها
فأصبحتُ موجوداً عليَّ مُلَوَّماً ... كأنْ نُضِّيتْ عن حائضٍ لي ثيابُها
وأرسل المنذر إلى الغلمة وقد مات ضمرة. وكان ضمرة صديقاً للمنذر. فلما دخل عليه الغلمة وكان يسمع بشقّة ويُعجبه ما يبلغه عنه. فلما رآه المنذر قال: تسمع بالمُعَيدي لا أن تراه. فأرسلها مثلاً. فقال شِقّة: أبيت اللعن وأسعَدك إلهك، إن القوم ليسوا بجُزُرٍ، يعني الشاءَ، إنما يعيش الرجل بأصغريه: لسانه وقلبه. فأعجب المنذر كلامه وسرّه كل ما رأى منه. فسماه ضمرة باسم أبيه. فهو ضمرة بن ضمرة بن جابر. وذهب قوله: إنما يعيش الرجل بأصغريه، مثلاً.
أول من قال ذلك العيَّار بن عبد الله الضبّي ثم أحد بني السيّد بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبّة. وكان من حديثه فيما ذكر المفضّل الضبّي، أن العيّار وَفَد هو وحُبيش بن دُلفٍ وضرار بن عمرو الضبّيّان على النعمان بن المنذر، فأكرمهم وأجرى عليهم نُزُلاً. وكان العيّار رجلاً بطَّالاً يقول الشعر ويُضحك الملوك. وكان قد قال:
لا أَذْبَحُ النَّازِيَ الشَّبُوبَ ولا ... أَسْلُخ يومَ المُقَامَةِ العُنُقَا