هو الأحنف بن قيس، واسمه صخر. وكان في رجله حتف وهو الميل، فغلب عليه لقبه. وكانت أمه ترقصه وهو صغير، وتقول:
واللهِ لولا ضعفه من هزلهِ ... وحنفٌ ودّقةٌ في رجله
ما كانَ في فتيانكم من مثلهِ
وكان حليماً موصوفاً بذلك، حكيماً معترفاً له به. فمن حلمه أنه اشرف عليه رجل وهو يعالج قدراً يطبخها، فقال الرجل:
قدرٌ ككفّ القردِ لا مستعيرها ... يعارُ ولا منْ يأتها يتدسَّمُ
فقيل للأحنف ذلك، فقال: يرحمه الله لو شاء لقال أحسن من هذا.
وقال: ما أحب أن لي بنصيبي حمر النعم. فقيل له: أنت أعز العرب. فقال: إن الناس يرون الحلم ذلاً. وقال: رب غيظ قد تجرعته مخافة ما هو أشد منه.
قال: وكان لا يقول لأحد الطريق، وقال: إنما أنحيه عن الطريق.
وكان يقول: كثرة المزاح تذهب بالهيبة، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن أكثر من المزاح اجترئ عليه. وأنشده رجل:
يومٌ لهمدانَ ويومٌ للصَّدفْ ... ولتميمٍ مثلها أو تعترفْ