الحرام في كل حين، فيضرب بنفسه حول البيت فلا يمر به أحد. فضرب به المثل.
وقد ذكر ابن الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال: كانت حية يقال لها الشيطان تأتي في كل زمان البيت فلا يطوف أحد.
قال: وبعث هرقل بسفينة فيها ساج إلى أرض الحبشة ليبني له به بيعة فانكسرت بجدة، فخرجت قريش فأخذتها. فقال لهم الوليد بن المغيرة: إنكم إن اقتسمتموه بينكم ذهب، فهل لكم في أن تبنوا به الكعبة، فقد جاءكم الله به؟ قالوا: كيف نصنع بالشيطان؟ يعنون هذه الحية. قال: إن الله إذا علم نياتكم أعانكم. قالوا: وددنا! فأخذوا في ذلك. فلما ابتدأوا في العمل جاءت تلك الحية كما كانت تجيء، فأرسل الله جل وعز عليها طائراً مثل القرن فشقها واحتملها إلى قعيقعان، والناس ينظرون إليه. وأخذوا في بنيان الكعبة.
ولذلك حديث المغازي.
فأما قولهم: يا وجه الشيطان: فإنما يراد بذلك القبح، وإن كان لا يرى للفرق منه. ويقال: الشيطان حية ذو عرف قبيح الخلقة. وأنشد الفراء لرجل يذم امرأته:
عجيِّزٌ تحلفُ حين أحلفُ ... كمثلِ شيطان الحماطِ أعرفُ
وقد قيل في قول الله جل وعز: (كأنه رؤوس الشياطين) بهذين القولين.
قال الفراء: وفيه وجه ثالث، يقال: إنه نبت قبيح الرؤوس يسمى رؤوس الشياطين.